تزكية النفسجزء من العلم؛ فطالب العلم يتولد لديه الرياء - أحياناً - أو الكبر أو غيرها من الأمراض القلبية. وقد قرن الله عز وجل العلم بالتزكية في قوله : "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين". والتزكية لغة بمعنى الطهر . وقد قال تعالى : " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ". والتدسية عكس التزكية وهي التحقير . أما التزكية اصطلاحاً فهي تطهر النفس من الشر والإثم . والنفس الانسانية معرضة لنزعات الشر ونزعات الخير. فالنفوس أنواع ؛ فهناك النفس المطمئنة أسمى النفوس ؛ لأنها انتصرت على نزعات الشر تلك، ويتبعها اللوامة والتي تلوم صاحبها على فعل الشر. أو التقصير في الطاعة. فتارة تحسن وتارة تسيء. أما الأخيرة فهي النفس الامارة بالسوء، وهي التي تأمر صاحبها بالسوء وفعل الشر، ومحل التزكية هو القلب، وهو موضع الإصلاح؛ فالقلوب ثلاثة أنواع وهي القلب السليم سلم من الشرك. والقلب المريض والقلب الميت. إذ لا بد من إصلاح القلب وتطهيره من الشرك ثم من المعاصي الكبائر منها والصغائر ليصل إلى التزكية. فحقيقة التزكية إصلاح الداخل بالتخلية من المعاصي والآثام، والتحلية من مكارم الأخلاق وحسن القيم وأنبلها، وللتزكية عدة أنواع أولاها تزكية الله للأنفس ففي قوله تعالى:" ألم تر الى الذين يزكون انفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً " . وثانيها تزكية الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقد كانت تزكية النبي – عليه الصلاة والسلام – للناس بالموعظة الحسنة والإرشادات النبوية . ومن ثم يأتي تزكية العبد لنفسه ويكون ذلك بالفعل وليس في القول؛ فقد أمر الله تعالى بتزكية الإنسان لنفسه عن طريق الفعل، ونهى عن تزكيتها بالمدح والقول . على المرء أن يتهم نفسه بالتقصير والاسراف، ويبتعد عن معاصيه وشرور نفسه، وهذا مبدأ التزكية . أما الخطوات العملية لتزكية النفس تكون بالقوة العلمية التي تبصر الإنسان بالخير والشر . وتساعده على التمييز بينهما والقوة العلمية تزداد باكتساب العلم . والخطوة الثانية تكون بالقوة العملية؛ إذ هي تتمثل بالإرادة والهمة العالية ، وتزداد بالعبادات وأداء الفرائض والنوافل . ومن الناس من يجمع القوتين، ومنهم من يفقد كلاهما، ومنهم من لديه احدهما . فلابد من اكتساب كلاهما للوصول لتزكية النفس ؛ إذ لا يكفي العلم بلا عمل ولا العمل بلا علم، فلا نكن كاليهود ولا النصارى بل أن نكون مسلمين حنفاء كما أراد لنا ربنا نهتدي بهدي نبيه، ونسير على صراطه المستقيم، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسأله تعالى ان يزكيها فهو خير من زكاها.
إرسال تعليق