تبارك اللهجل جلاله، صاحب الفضل والنعم، خالق الخلق، وربّ العباد أنشأهم خلقًا كاملًا من أصغر مخلوق حتّى أكبرهم لغرض واحد، وهو العبادة. الله -سبحانه وتعالى- هو الأحق بأن يعبد من دون قرين، فهو الذي تسبح له الملائكة والإنس والجّن، قال تعالى فيما نزل عن وحيه إلى نبيّه: "وما خلقت الإنس والجن إلّا ليعبدون." العبادة، العبادة في مفهومها تنقسم إلى ثلاثة عناصر رئيسة، المعبود، والعابد، وما يعبد من خلاله. الله لا إله غيره لا يوجب أن يعبد سواه، والإنسان والجان عبيد له يأتمرون بما أمر وينتهون عما نهى، تسبيحهم وتوحيدهم وعباداتهم التي أوضحها في كتابه وسنة نبيّه هي حقه عليهم. إذن فالعبادة هي غاية الله من خلقه الكون، فلا يعبدون آلهة آخرين أو يتقربون إليه بالأوثان والقرابين، ومن فعل فله على الخالق أن ينال منه ما وعده، والله حق لا يضيع أجر من أحسن عملًا. الذين يعبدون الله حقّ عبادته، ويخلصون في عبادتهم كما أمر، وكما شاء كان لهم من الجنة نصيب. وأمّا الذين خالفوا هذا النهج الأساسي في قانون الشريعة الإسلامية بين الخلق والخالق، ما لهم من الله سوى سوء المصير. هذا الحق -ألا وهو العبادة- لا يجوز لغير الله، فالله تعالى هو الرب الأوحد والخالق الأوحد، هو الرازق والمعطي والمانع، وقد ورد بين دفّتي المصحف من آيات تحث الناس على عبادة الله، والتأكيد على هذا الحق الإلهي العدد الكثير، وأوضح عبادتنا له بالأعمال وإخلاص النية والأفكار والتوجهات التي يجب ألّا تستهدف غير الله جل وتعالى. العبادة في مفهومها لا تقتصر على أركان الإسلام الخمس من إقامة للصلاة والذهاب لأداء مناسك الحج الأكبر أو الأصغر، أو دفع الزكاة في سبيل الله، بل مفهوم العبادة شامل لكافة أعمال العباد، ما حيوا، في أفعاله وأقواله وأفكاره وأنفاسه، ما أظهر وما أبطن، ما أقدم على فعله وما أحجب. هي أن تستشعر عظمة الخالق، وأن تتذلل إليه طالبًا عفوه ورضاه ورحمته وبركته ورزقه وتوفيقه وجنته. عبادة الله أن تفعل ما فيه رضى الله مما يحب، والله يحب أن يرى عبده محسنًا بارًّا صادقًا توابًا خلوقًا ساعيًا في عمله، مخلصًا في طلبه، يصل رحمه، ويخالق الناس بأحسن الأخلاق وأفضلها، أهله فجيرانه فكافة أبناء دينه ومن سواهم، ساجدًا راكعًا داعيًا لله عز وجل. العبادة أن تنصاع لأوامر الخالق، وتأتمر بما أمرك بالإيمان برسله واتباعهم، والتصديق بهم. العبادة أن ترضى بكل حال أنت فيه فهو قضاء ربك وأمره. العبادة أن تصبر وتشكر، أن تتوكل لا أن تتواكل، أن تخشاه وتتقيه، أن تعترف بربوبيته وألوهيته ووحدانيته، وهذه المفاهيم أساس علاقة العباد بربهم. أنت تحب الله ولا تبخل عن إعلاء كلمة الله والدفاع عنه وتبذل من أجل ذلك ما تملك، أن تراقب الله في أفعالك سرائرها وعلانيتها.
إرسال تعليق