إنّ برّ الأمّ أعظم ثوابًا من برّ الأب كما أنّ عقوق الأمّ أشدّ إثْمًا من عقوق الأب، والعقوق هو إيذاء أحدهما أذًى غير هيّن كضرب أحدهما أو كشتم أحدهما. فمن هنا نجد أنّه لا بدّ لنا من أن نبيّن بعض ما ورد في أمر برّ الأمّ. ففي الحديث أنّ صحابيًّا قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ فقـال لـه الرسول: أمّك. قال: ثمّ من؟ قال: أمّك. قال: ثمّ من؟ قال: أمّك. قال: ثمّ من؟ قال: أبوك. ففي برِّهما خير عظيم، ولكن يفهم من هذا الحديث وغيره أنّ فضل برِّ الأمِّ عند الله أعظم من برِّ الأب. فالأمّ هي التي حملت ولدها في بطنها تلك الشهور، والأمّ هي التي تألّمت عند الولادة تلك الآلام، والأمّ هي التي أرضعت ولدها الليل والنهار، والأمّ هي التي رعت في بيتها أسرتها فأوْلتها العناية وأعطتها الاهتمام لتخرج إلى المجتمع قادةً وسادة وأمراء ووزراء وعلماء وأمّهات وزوجات، فالأمّ قد قيل فيها: الأمّ مدرسـة إذا أعددتَهـا أعددت شعبًا طيِّب الأعراقِ فالأمّ أولى بالبرِّ من سائر الناس فهي أعظم الناس حقًّا على الرجل. وفي حكم الرجل المرأة غير ذات الزوج فهي والرجل في هذا سواء. وقد ورد في الحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أعظم الناس حقّا على المرأة زوجها وأعظم الناس حقّا على الرجل أمّه”.فهذا الحديث فيه بيان أعظميّة حقّ الرجل على المرأة على حقّ غيره، وفيه أيضًا بيان عظم حقّ الأمِّ على الرجل. لكل من أراد رضا الله وطلب الفوز بالمراتب العليا الزم طاعة الله وكن حريصًا على تحصيل الثواب في صحيفة عملك وتمسّك بهدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو الذي أوصانا بوصايا، ومن جملة ما أوصى به برِّ الأم تلك الخصلة العظيمة. وقد جاء عن بعض الصحابة أنه من شدّة حرصه على ذلك كان لا يأكل في قصعة أي في صحن واحد مع أمّه وذلك حتى لا يأكل شيئًا لعلّ عين أمّه وقعت عليه. فانظروا رحمكم الله إلى هذا الأدب المحمّديّ، خصال خير إذا ما تمسكنا بها ازدادت البركات فيها بيننا. إرشادات مهمة كي تكون من البارين بوالديك: حافظ على سمعة والديك وشرفهما ومالهما ،ولا تأخذ منهما شيئا بدون إذنهما . اعمل ما يسر والديك ولو في غير أمرهما ،كالخدمة وشراء اللوازم والاجتهاد . شاور والديك في أعمالك كلها ، واعتذر لهما إذا اضطررت للمخالفة . أكرم أصدقاء والديك وأقرباءهما ، ولا تصادق عدوهما في حياتهما وبعد موتهما . لا تجادل والديك ، ولا تخطئهما ، وحاول بأدب أن تبين لهما الصواب . لا تعاند والديك ولا ترفع صوتك عليهما وأنصت لحديثهما وتأدب معهما،ولا تزعج أحدإخوتك إكرامالوالديك . ساعد أمك في البيت ، ولا تتأخر عن مساعدة أبيك في العمل . لا تتناول طعاما قبل والديك ، وأكرمهما في الطعام والشراب واللباس . لا تكذب عليهما ، ولا تلمهما إذا عملا عملاً لا يعجبك . لا تفضل زوجتك وأولادك على والديك واطلب رضاهما قبل كل شيئ . لا تتكبر في الانتساب إلى أبيك ولوكنت ذا مركز كبير ، واحذر أن تنكر معرفتهما أوتؤذيهما ولو بكلمة واحدة . لا تبخل بالنفقة على والديك حتى يشكواك فهذا عار عليك وسترى ذلك من أولادك فكما تدين تدان والجزاء من جنس العمل . احذر أن تعق الوالدين وتغضبهما فتشقى في الدنيا والآخرة ، وسيعاملك أولادك بمثل ماتعامل به والديك . إذا اختلفت مع والديك في الزواج والطلاق فاحتكم إلى الشرع فهو خير عون لكم . إذااختصم أبواك مع زوجتك فكن حكيما وأفهم زوجتك أنك معها إن كان الحق لها وأنكمضطر لترضي والديك . دعاء الوالدين مستجاب فاحرص على أن يدعو لك والداك بالخير ، واحذر دعاءهما عليك بالشر.
إرسال تعليق