يظل القلب كالشجرة المورقة ، مادام يسقيها الإيمان ، فيتعمق في الصدر وتمتد جذوره ، وهي حقيقية معنوية يجعلها الله في قلوب الصالحين من عباده ، وحلاوة الإيمان هي الاستلذاذ بالطاعات ، وتحمل المشاق والصعوبات ، من أجل رضى الله ورسوله ، ولا يقبل الدنيا على ضلك ، فيسعى إلى العمل الصالح طلباً للثواب في الآخرة ، مع إحسان طريقه في الدنيا وأخذ حقه منها. ومن ذاق طعم الايمان قال: "رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد عبده ورسوله" . والحفاظ على حلاوة الإيمان يكون بدوام المسلم على الطاعات ، وإكثاره من النوافل ، وترتيله للقرآن الكريم ، وسعيه الجاد لخدمة خلق الله فهي خدمة لله ، وإيثاره الآخرين على نفسه ، ومساعدة المحتاجين ، وإطعام المساكين ، والصيام بما يقدر عليه ، فإذا أطاع الله استحل النور بقلبه ، وصارت جنته في صدره ، فإذا مشي مشى مطمئناً ، وإذا مسته المصائب صبر غير جزوعاً ، فيقترب من الله ويخشع له ويتذلل ، فيشعر أنه الضعيف أمام الله الخالق العظيم ، فترتاح نفسه ، لأنه يعلم علم اليقين ، بأن الله وحده قادر ، والخلق ليسوا بقادرين..! فيبتعد عن لذات الدنيا وشهواتها ، ونعيمها الزائف ، ويطلب محبة الله ، ومحبته أهم صفات المؤمنين ، وكذلك محبة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم- ، فلا تعلو عليهما أي محبة ، لا في المال ولا في الأولاد فكلاهما زينة الحياة الدنيا ، والآخرة خير وأبقى ، وحب الله دليل الآخرة ، وهي مقدمة على محبة النفس والوالد والوالدة والناس أجمعين ، وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين". وهذه المحبة تستلزم الاستجابة لأمر الله ، والبعد عن نواهيه لقوله تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" ، وهناك العديد من الأمور التي تحبب المسلم في الله ، وينال حلاوة الايمان في صدره : كأن يداوم على ذكر الله بالقول والعمل والقلب ، ويجالس الصادقين المحبين لله ، ويباعد بينه وبين ما يبعده عن الله تعالى ، وكي يكون العبد محباً لرسول الله تعالى ، يجب أن يكون الرسول قدوته في كل أمر ، ويتبعه بما قال وعمل وصدق ، و التخلق بأخلاقه والتأدب بأدبه ، ونصر سنته والعمل بها واتباعها ، والاطلاع على سيرته ، ومعرفة تاريخه وأخباره ، والدفاع عنه بالقول الحسن ، ودفع الأخرين لاتباع هديه. ومن الأمور التي تحلي الإيمان في الصدر : الابتعاد عن ذكر عيوب الناس ، وذكر محاسنهم ، والتماس العذر لهم عند وقوع الخطأ ، وعدم الغل والحقد والحسد لما أنعم الله على الأخرين ، والدعاء في ظهر الغيب ، والمبادرة بالتحية و السلام ، والسؤال عن الحال ، وتفقد الغائبينن والاستفسار عن مستجدات حياتهم ، وعيادة المريض منهم ، وتهنئتهم في المسرات و الأفراح ، ونصرتهم عند وقوع الظلم ، والدفاع عن حقوقهم ، والوقوف إلى جانبهم في السراء و الضراء ، فتحلو حياة العبد المؤمن المسلم ، فيكون خلوقاً طائعاً عابداً طاهراً نقياً ، ويفوز برضى الله ورسوله ، وتغرس بذرة حلاوة الإيمان في قلبه.
إرسال تعليق