صفات النبي وأمهات المؤمنين بالكتاب المقدس
عندما نبحث في الكتاب المقدس المعروف الآن عند أهل الكتاب عن بعض صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين، يجب ألا ننسى أننا نبحث في ركام من التحريف سواء بالحذف أو الإضافة أو تبديل كلام الله عن مواضعه.
ولكن هذا لن يكون عائق عن وجود صفات النبي بمحتوى النص العام.
فمع كثرة الصفات المذكورة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم المقدس الحالي، صعب تغيير نسبتها لغير الجهة الأصلية، ولذا سقطت محاولات المحرفين وتفسيرات التائهين على مر العصور.
والأن مع أحد النصوص بكتابهم المقدس الحالي تخص بعض صفات النبي محمد وبعض وزوجاته عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه.
يقول النص:
(لبني قورح. قصيدة. ترنيمة محبة. فاض قلبي بكلام صالح. متكلم انا بانشائي للملك. لساني قلم كاتب ماهر 2 أنت ابرع جمالا من بني البشر. انسكبت النعمة على شفتيك لذلك باركك الله إلى الابد. 3 تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار جلالك وبهاءك. 4 وبجلالك اقتحم. اركب من اجل الحق والدعة والبر فتريك يمينك مخاوف. 5 نبلك المسنونة في قلب اعداء الملك. شعوب تحتك يسقطون 6 كرسيك يا الله الى دهر الدهور. قضيب استقامة قضيب ملكك. 7 احببت البر وابغضت الاثم من اجل ذلك مسحك الله الهك بدهن الابتهاج اكثر من رفقائك. 8 كل ثيابك مرّ وعود وسليخة. من قصور العاج سرّتك الاوتار.9 بنات ملوك بين حظياتك. جعلت الملكة عن يمينك بذهب اوفير 10 اسمعي يا بنت وانظري واميلي اذنك وانسي شعبك وبيت ابيك 11 فيشتهي الملك حسنك لأنه هو سيدك فاسجدي له....) {المزامير 45}
فعلى من يكون مدار قصص الأنبياء كلها في الكتب السماوية الثلاثة، ومن تتوافر فيه هذه الصفات المباركة من ملك أو نبي أو أمير؟
صفات هذه الشخصية المباركة:
1- فهو شخصية لبني قورح يمثل قصيدة وترنيمة جميلة، فهو من بني قورح، و(قورح) أقرب لفظاً وهجائاً ل(قوريش) بكتابة ونطق العجم اليهود، إذا أبعدنا مبدئ التحريف عندهم بحذف حرف الشين وتهميشه فنطقوا قريش أو قوريش (قورح) وإلا فأين هذا الشخص الذي بهذه الصفات المباركة وأين قورح هذه التي ظهر بها ؟
2- اللسان قلم والنعمة التي علي الشفايف مباركة إلى الأبد، لهي إشارة واضحة لأمية النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأن وحيه باللسان وكلام الشفايف مبارك إلى الأبد كما قال سبحانه :
{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } (سورة النجم 3 - 4)
3- هذه الشخصية المباركة يذكر النص أنها مجاهدة وراكبة في سبيل الله لنشر الحق والخير، ويستعمل السيف والسلاح من أجل ذلك، ومعلوم أن القرآن الكريم والسنة النبوية قد قصوا الكثير من جهاد الرسول والمؤمنين بالسلاح.
4- إنه سوف ينتصر على شعوب كثيرة وليس شعب واحد كما كان كل الأنبياء عدا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكل نبي بعثه الله لقومه إلا هو فبعثه الله للناس كافة، ولذا قد نصره الله سبحانه في جهاده وغزواته على مشركين الأصنام وعلى اليهود وعلى النصارى بجزيرة العرب، وأذعن له نصارى اليمن والروم بالشام ومصر والحبشة، وأهلك الله سبحانه كسرى ملك الفرس وبايع عامله باليمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5- سيرته عطرة وبخوره هو العود، ولقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم العود وله عليه أحاديث كثيرة، ومازالت العرب بالجزيرة العربية من أشهر وأكثر مستخدمي العود كبخور وعطور.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءةً لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون ، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين.." البخاري 3327 مسلم 7078
وزاد في رواية البخاري :" ومجامرهم الألوة الألَنجُوج عود الطيب.."
قال النووي (شرح مسلم 17/170) : (الألوة) بفتح الهمزة وضم اللام أي العود الهندي.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 6/458
الألنجوج بفتح الهمزة واللام ويكون النون بجيمين الأولى مضمومة والواو ساكنة: العود الذي يتبخر به، ولفظ الألنجوج هنا تفسير الألوة.
6- (مسحك الله الهك بدهن الابتهاج اكثر من رفقائك) هذا لا يحتاج تفسير غير أنه أفضل المرسلين وإمامهم وسيد ولد أدم ولا فخر كما أخبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم.
7- (بنات ملوك بين حظياتك. جعلت الملكة عن يمينك بذهب اوفير 10 اسمعي يا بنت وانظري واميلي اذنك وانسي شعبك وبيت ابيك 11 فيشتهي الملك حسنك لأنه هو سيدك فاسجدي له) لم تذكر قصص الأنبياء كلها في الكتب السماوية الثلاثة لملك أو نبي أو أمير ما، وكانت بنات ملوك تحته وبملك يمينه سواء كانوا إماء أو زوجات ؟
إن بنات الملوك تحته (من محظياته) وهذا حدث بالفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا ثلاثة من بنات الملوك، بل وإحداهن كما ذكر النص قد نسيت بيت أبيها وشعبها وكفره وعناده وأسلمت وتزوجت رسول الله بعد أن كانت أمة له صلى الله عليه وسلم، ولنبدأ بها من الثلاثة :-
- صفيه بنت حيي – هي بنت ملك اليهود وبني قريظة وسائر قبائلهم بجزيرة العرب، ومعروف أن أبوها (حيي بن الأخطب) هو من أعلن عداوته لرسول الله وجهز وألب جيوش مشركي العرب وجمعهم بغزوة الأحزاب ثم دفع بني قريظة لخيانة العهد، وكانت ابنته صفية أمة لملك يمين رسول الله بعد قتل أبوها وشعبه من بني قريظة على يد رسول الله والصحابة في نهاية غزوة بني قريظة، وبالفعل نسيت صفية بنت حيي أبوها وبيته وشعبها وكفره وأسلمت طائعة مؤمنة تقية لله رب العالمين، وأعتقها رسول الله وتزوجها وكانت أم المؤمنين، طائعة لله ولزوجها رسول الله
ولعل طاعتها كانت هي المقصودة بالسجود في النص السابق، لان ذلك كان معروف عند بني إسرائيل كما في قصة يوسف عليه السلام عندما سجدوا له إخوته وهو في الملك.
إنه من العجيب أن تصبح يهودية أم للمؤمنين بعد إسلامها، إلا أن تكون قد نسيت شعبها المغضوب عليه بالفعل.
وإن قصة صفية بنت حيي رضي الله عنها لجديرة بالتدبر في كيفية مراقبة الفتاة الزكية لسير الهدي من حولها في المدينة المنورة.
لقد تابعت الفتاة صفية بنت حيي عن قرب شهادة أبيها وعمها أن محمداً هو النبي المنتظر الموجود بالتوراة ، وذلك حين قدوم رسول الله للمدينة المنورة في بداية العام الهجري الأول، ثم تفاجأت من أبيها وعمها رغم هذه الشهادة إعلان عدواتهما للنبي صلى الله عليه وسلم.
ثم عاصرت بعد ذلك بسنوات انتصار رسول الله والمؤمنين في غزوة الأحزاب ثم سقوط ملك أبيها وملك بني قريظة وقتلهم وتشريدهم على يد رسول الله وصحابته في غزوة بني قريظة.
فنسيت أباها وقومها وعرفت أنهم لايستحقوا غير ذلك؛ لإنها شاهدت عداوتهم وكفرهم بعد علم اليقين وشهادة أبيها بلسانه أمامها أن محمد هو رسول الله النبي الخاتم الذي يجدونه مكتوب عندهم بالتوارة.
فأمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام عن قناعة ورضى وطمأنينة لاتتزعزع، وهي مِن سِبطِ اللاَّوِي بن نبى الله اسرائيل بن إسحاق بن ابراهيم – عليهم السلام – ثم من ذرية نبى الله هارون –عليه السلام- و حيي بن أخطب - كان يومئذ سيد اليهود، وهو من بني النضير -
تروى صفية بنت حيي فتقول:
لم يكن أحد من أبي وعمي أحب إليهما مني، لم ألقهما في ولد لهما قط أهش إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول صلى الله عليه وسلم قباء - قرية بني عمرو بن عوف - غدا إليه أبي وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين، فوالله ما جاءانا إلا مع مغيب الشمس.
فجاءانا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع فوالله ما نظر إلي واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟
قال: نعم والله !
قال: تعرفه بنعته وصفته؟
قال نعم والله !
قال: فماذا في نفسك منه؟
قال: عداوته والله ما بقيت.
رأت في منامها كأن قمر السماء قد سقط في حجرها، فقصت رؤياها على ابن عمها فلطم وجهها وقال: أتتمنين ملك يثرب أن يصير بعلك، فما كان إلا مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحصاره إياهم، فكانت صفية في جملة السبي وكانت عروساً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن حديث أمية بنت أبي قيس الغفارية قالت أنا إحدى النسوة اللاتي زففن صفية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعتها تقول: ما بلغت سبع عشرة عاماً يوم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفيت صفية سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية، وقبرها بالبقيع.
مارية القبطية:
يمكن الوقوف على أصول أسرتها، إذا علمنا أن مارية القبطية لم تكن جارية عادية شأنها كشأن غيرها من الجواري، بمعنى أنها لم تكن من العامة وإنما كانت من خاصة خواص القبط.
فعن عروة عن عائشة قالت : "أهدى ملك بطارقة الروم يقال له المقوقس جارية من بنات الملوك -يقال لها مارية- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..." [البداية والنهاية 304 / 5].
قدمت مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية في سنة سبع من الهجرة. وذكر المفسرون أن اسمها مارية بنت شمعون القبطية، بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين في مكة، بدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام ، وكتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتبا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، واهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فاختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك، هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس، المقوقس ملك مصر والنجاشي ملك الحبشة.
لما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للبيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، واُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: " إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهودٍ فيه، ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر".
أخذ المقوقس كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وختم إلى النبي صلى الله عليه وسلم: لمحمد بن عبدالله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك.
أما بعد.
فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك".
وكانت الهدية جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين. وفي طريق عودة حاطب إلى المدينة، عرض على ماريه وأختها الإسلام ورغبهما فيه، فأكرمهما الله بالإسلام.
وفي المدينة، أختار الرسول صلى الله عليه و سلم مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعره الكبير حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه. كانت ماريه رضي الله عنها بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة رضي الله عنها، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الله صلى الله عليه و سلم بها. وقالت عائشة رضي الله عنها:" ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة-أو دعجة-.
ولادة مارية لإبراهيم:
وبعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمره وفقد أولاده ما عدا فاطمـة الزهراء رضوان الله عليها. ولدت مـارية في "شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة"، طفلاً جميلاً يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد سماه إبراهيم، " تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام" وبالولادة أصبحت مـارية حرة.
وعاش إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، " وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة"، وحزنت مارية حزناً شديداً على موت إبراهيم.
مكانة مارية في القرآن الكريم:
لمـارية رضي الله عنها شأن كبير في الآيات المباركة وفي أحداث السيرة النبوية. "أنزل الله عز وجل صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم". وقد توفي الرسول عنها صلى الله عليه وسلم وهو راض عن مـارية، التي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر، وعدت من أهله، وكانت مـارية شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها.
{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } (سورة النجم 3 - 4)
3- هذه الشخصية المباركة يذكر النص أنها مجاهدة وراكبة في سبيل الله لنشر الحق والخير، ويستعمل السيف والسلاح من أجل ذلك، ومعلوم أن القرآن الكريم والسنة النبوية قد قصوا الكثير من جهاد الرسول والمؤمنين بالسلاح.
4- إنه سوف ينتصر على شعوب كثيرة وليس شعب واحد كما كان كل الأنبياء عدا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكل نبي بعثه الله لقومه إلا هو فبعثه الله للناس كافة، ولذا قد نصره الله سبحانه في جهاده وغزواته على مشركين الأصنام وعلى اليهود وعلى النصارى بجزيرة العرب، وأذعن له نصارى اليمن والروم بالشام ومصر والحبشة، وأهلك الله سبحانه كسرى ملك الفرس وبايع عامله باليمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5- سيرته عطرة وبخوره هو العود، ولقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم العود وله عليه أحاديث كثيرة، ومازالت العرب بالجزيرة العربية من أشهر وأكثر مستخدمي العود كبخور وعطور.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءةً لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون ، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين.." البخاري 3327 مسلم 7078
وزاد في رواية البخاري :" ومجامرهم الألوة الألَنجُوج عود الطيب.."
قال النووي (شرح مسلم 17/170) : (الألوة) بفتح الهمزة وضم اللام أي العود الهندي.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 6/458
الألنجوج بفتح الهمزة واللام ويكون النون بجيمين الأولى مضمومة والواو ساكنة: العود الذي يتبخر به، ولفظ الألنجوج هنا تفسير الألوة.
6- (مسحك الله الهك بدهن الابتهاج اكثر من رفقائك) هذا لا يحتاج تفسير غير أنه أفضل المرسلين وإمامهم وسيد ولد أدم ولا فخر كما أخبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم.
7- (بنات ملوك بين حظياتك. جعلت الملكة عن يمينك بذهب اوفير 10 اسمعي يا بنت وانظري واميلي اذنك وانسي شعبك وبيت ابيك 11 فيشتهي الملك حسنك لأنه هو سيدك فاسجدي له) لم تذكر قصص الأنبياء كلها في الكتب السماوية الثلاثة لملك أو نبي أو أمير ما، وكانت بنات ملوك تحته وبملك يمينه سواء كانوا إماء أو زوجات ؟
إن بنات الملوك تحته (من محظياته) وهذا حدث بالفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا ثلاثة من بنات الملوك، بل وإحداهن كما ذكر النص قد نسيت بيت أبيها وشعبها وكفره وعناده وأسلمت وتزوجت رسول الله بعد أن كانت أمة له صلى الله عليه وسلم، ولنبدأ بها من الثلاثة :-
- صفيه بنت حيي – هي بنت ملك اليهود وبني قريظة وسائر قبائلهم بجزيرة العرب، ومعروف أن أبوها (حيي بن الأخطب) هو من أعلن عداوته لرسول الله وجهز وألب جيوش مشركي العرب وجمعهم بغزوة الأحزاب ثم دفع بني قريظة لخيانة العهد، وكانت ابنته صفية أمة لملك يمين رسول الله بعد قتل أبوها وشعبه من بني قريظة على يد رسول الله والصحابة في نهاية غزوة بني قريظة، وبالفعل نسيت صفية بنت حيي أبوها وبيته وشعبها وكفره وأسلمت طائعة مؤمنة تقية لله رب العالمين، وأعتقها رسول الله وتزوجها وكانت أم المؤمنين، طائعة لله ولزوجها رسول الله
ولعل طاعتها كانت هي المقصودة بالسجود في النص السابق، لان ذلك كان معروف عند بني إسرائيل كما في قصة يوسف عليه السلام عندما سجدوا له إخوته وهو في الملك.
إنه من العجيب أن تصبح يهودية أم للمؤمنين بعد إسلامها، إلا أن تكون قد نسيت شعبها المغضوب عليه بالفعل.
وإن قصة صفية بنت حيي رضي الله عنها لجديرة بالتدبر في كيفية مراقبة الفتاة الزكية لسير الهدي من حولها في المدينة المنورة.
لقد تابعت الفتاة صفية بنت حيي عن قرب شهادة أبيها وعمها أن محمداً هو النبي المنتظر الموجود بالتوراة ، وذلك حين قدوم رسول الله للمدينة المنورة في بداية العام الهجري الأول، ثم تفاجأت من أبيها وعمها رغم هذه الشهادة إعلان عدواتهما للنبي صلى الله عليه وسلم.
ثم عاصرت بعد ذلك بسنوات انتصار رسول الله والمؤمنين في غزوة الأحزاب ثم سقوط ملك أبيها وملك بني قريظة وقتلهم وتشريدهم على يد رسول الله وصحابته في غزوة بني قريظة.
فنسيت أباها وقومها وعرفت أنهم لايستحقوا غير ذلك؛ لإنها شاهدت عداوتهم وكفرهم بعد علم اليقين وشهادة أبيها بلسانه أمامها أن محمد هو رسول الله النبي الخاتم الذي يجدونه مكتوب عندهم بالتوارة.
فأمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام عن قناعة ورضى وطمأنينة لاتتزعزع، وهي مِن سِبطِ اللاَّوِي بن نبى الله اسرائيل بن إسحاق بن ابراهيم – عليهم السلام – ثم من ذرية نبى الله هارون –عليه السلام- و حيي بن أخطب - كان يومئذ سيد اليهود، وهو من بني النضير -
تروى صفية بنت حيي فتقول:
لم يكن أحد من أبي وعمي أحب إليهما مني، لم ألقهما في ولد لهما قط أهش إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول صلى الله عليه وسلم قباء - قرية بني عمرو بن عوف - غدا إليه أبي وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين، فوالله ما جاءانا إلا مع مغيب الشمس.
فجاءانا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع فوالله ما نظر إلي واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟
قال: نعم والله !
قال: تعرفه بنعته وصفته؟
قال نعم والله !
قال: فماذا في نفسك منه؟
قال: عداوته والله ما بقيت.
رأت في منامها كأن قمر السماء قد سقط في حجرها، فقصت رؤياها على ابن عمها فلطم وجهها وقال: أتتمنين ملك يثرب أن يصير بعلك، فما كان إلا مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحصاره إياهم، فكانت صفية في جملة السبي وكانت عروساً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن حديث أمية بنت أبي قيس الغفارية قالت أنا إحدى النسوة اللاتي زففن صفية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعتها تقول: ما بلغت سبع عشرة عاماً يوم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفيت صفية سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية، وقبرها بالبقيع.
مارية القبطية:
يمكن الوقوف على أصول أسرتها، إذا علمنا أن مارية القبطية لم تكن جارية عادية شأنها كشأن غيرها من الجواري، بمعنى أنها لم تكن من العامة وإنما كانت من خاصة خواص القبط.
فعن عروة عن عائشة قالت : "أهدى ملك بطارقة الروم يقال له المقوقس جارية من بنات الملوك -يقال لها مارية- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..." [البداية والنهاية 304 / 5].
قدمت مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية في سنة سبع من الهجرة. وذكر المفسرون أن اسمها مارية بنت شمعون القبطية، بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين في مكة، بدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام ، وكتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتبا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، واهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فاختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك، هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس، المقوقس ملك مصر والنجاشي ملك الحبشة.
لما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للبيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، واُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: " إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهودٍ فيه، ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر".
أخذ المقوقس كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وختم إلى النبي صلى الله عليه وسلم: لمحمد بن عبدالله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك.
أما بعد.
فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك".
وكانت الهدية جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين. وفي طريق عودة حاطب إلى المدينة، عرض على ماريه وأختها الإسلام ورغبهما فيه، فأكرمهما الله بالإسلام.
وفي المدينة، أختار الرسول صلى الله عليه و سلم مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعره الكبير حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه. كانت ماريه رضي الله عنها بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة رضي الله عنها، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الله صلى الله عليه و سلم بها. وقالت عائشة رضي الله عنها:" ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة-أو دعجة-.
ولادة مارية لإبراهيم:
وبعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمره وفقد أولاده ما عدا فاطمـة الزهراء رضوان الله عليها. ولدت مـارية في "شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة"، طفلاً جميلاً يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد سماه إبراهيم، " تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام" وبالولادة أصبحت مـارية حرة.
وعاش إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، " وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة"، وحزنت مارية حزناً شديداً على موت إبراهيم.
مكانة مارية في القرآن الكريم:
لمـارية رضي الله عنها شأن كبير في الآيات المباركة وفي أحداث السيرة النبوية. "أنزل الله عز وجل صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم". وقد توفي الرسول عنها صلى الله عليه وسلم وهو راض عن مـارية، التي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر، وعدت من أهله، وكانت مـارية شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها.
جويرية بنت الحارث:
هي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك من خزاعة، كان أبوها ملك زعيم بني المصطلق، عاشت في بيت والدها معززة مكرمة في ترف وعز وفي بيت تسوده العراقة والأصالة، بدأ الشيطان يتسلل إلى قلوب بني المصطلق ويزين لهم بأنهم أقوياء يستطيعون هزيمة المسلمين، فأخذوا يعدون العدة ويتأهبون لمقاتلة المجتمع المسلم بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فتجمعوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بقيادتهم سيدهم الحارث بن أبي ضرار، وقد كانت نتيجة القتال انتصار النبي صلى الله عليه وسلم وهزيمة بني المصطلق في عقر دارهم. فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن سبى كثيرا من الرجال والنساء، وكانت السيدة جويرية بنت الحارث من النساء اللاتي وقعن في السبي، فشاءت الأقدار في النهاية لتذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءت جويرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : "أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من الأمر ما قد علمت،ولأن بني المصطلق كانوا من أعز العرب دارا وأكرمهم حسبا" ولحكمة النبي صلى الله عليه وسلم قال لجويرية : "فهل لك في خير من ذلك؟ قالت : ' وما هو يا رسول الله ؟'. قال: ' أقضي عنك كتابتك وأتزوجك". وكانت قبل قليل تتحرق طلبا لاستنشاق عبير الحرية، ولكنها وجدت الأعظم من ذلك. ففرحت جويرية فرحا شديدا وتألق وجهها لما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما سوف تلاقيه من أمان من بعد الضياع والهوان فأجابته دون تردد أو تلعثم : ' نعم يا رسول الله'. فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وأصدقها 400 درهم، وراحت السيدة جويرية تحذو حذو أمهات المؤمنين في الصلاة والعبادة وتقتبس من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أخلاقه وصفاته الحميدة حتى أصبحت مثلا في الفضل والفضيلة.
فكانت أم المؤمنين جويرية من العابدات القانتات السابحات الصابرات وكانت مواظبة على تحميد العلي القدير وتسبيحه وذكره.
ونقول أن هؤلاء الملوك الثلاثة الذين ذكرناهم والذين هم أباء لأمهات المؤمنين كما قلنا، لا يقلوا كمستوى ملك عن بعض ملوك العرب اليوم، وبعض دول العالم الصغيرة، وذلك من حيث مساحة الأرض، وعدد الأتباع والجيوش والمكانة المرموقة.
وأخيراً نقول أن كل هذه الصفات السبعة مذكورة بنص واحد صغير لايتعدي عشرة سطور من كتابهم التوراة، فما بالنا بباقي المذكور من صفات بكامل كتابهم المقدس من التوراة والإنجيل، وكيف كانت هذه الصفات كلها قبل التحريف، إنهم حقاً يعرفونه كما يعرفون أبنائهم، صلى الله عليه وسلم {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[البقرة 146].
هذا والحمد لله رب العالمين.
فتجمعوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بقيادتهم سيدهم الحارث بن أبي ضرار، وقد كانت نتيجة القتال انتصار النبي صلى الله عليه وسلم وهزيمة بني المصطلق في عقر دارهم. فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن سبى كثيرا من الرجال والنساء، وكانت السيدة جويرية بنت الحارث من النساء اللاتي وقعن في السبي، فشاءت الأقدار في النهاية لتذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءت جويرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : "أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من الأمر ما قد علمت،ولأن بني المصطلق كانوا من أعز العرب دارا وأكرمهم حسبا" ولحكمة النبي صلى الله عليه وسلم قال لجويرية : "فهل لك في خير من ذلك؟ قالت : ' وما هو يا رسول الله ؟'. قال: ' أقضي عنك كتابتك وأتزوجك". وكانت قبل قليل تتحرق طلبا لاستنشاق عبير الحرية، ولكنها وجدت الأعظم من ذلك. ففرحت جويرية فرحا شديدا وتألق وجهها لما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما سوف تلاقيه من أمان من بعد الضياع والهوان فأجابته دون تردد أو تلعثم : ' نعم يا رسول الله'. فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وأصدقها 400 درهم، وراحت السيدة جويرية تحذو حذو أمهات المؤمنين في الصلاة والعبادة وتقتبس من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أخلاقه وصفاته الحميدة حتى أصبحت مثلا في الفضل والفضيلة.
فكانت أم المؤمنين جويرية من العابدات القانتات السابحات الصابرات وكانت مواظبة على تحميد العلي القدير وتسبيحه وذكره.
ونقول أن هؤلاء الملوك الثلاثة الذين ذكرناهم والذين هم أباء لأمهات المؤمنين كما قلنا، لا يقلوا كمستوى ملك عن بعض ملوك العرب اليوم، وبعض دول العالم الصغيرة، وذلك من حيث مساحة الأرض، وعدد الأتباع والجيوش والمكانة المرموقة.
وأخيراً نقول أن كل هذه الصفات السبعة مذكورة بنص واحد صغير لايتعدي عشرة سطور من كتابهم التوراة، فما بالنا بباقي المذكور من صفات بكامل كتابهم المقدس من التوراة والإنجيل، وكيف كانت هذه الصفات كلها قبل التحريف، إنهم حقاً يعرفونه كما يعرفون أبنائهم، صلى الله عليه وسلم {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[البقرة 146].
هذا والحمد لله رب العالمين.
إرسال تعليق