كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل مما يأكل منه قومه، ويتناول ما جرت العادة بتناوله على موائدهم، ولم يحمل نفسه على طعام قط قُدم إليه، إن اشتهاه أكله، وإن عافه تركه.
كما أنه لم يكن يحبس نفسه على نوع واحد من الطعام، فكان يأكل ما يقدم إليه إذا وجد في نفسه حاجة إليه، فيطعم منه بقدر ما يزيل تلك الحاجة من غير إسراف.
وكان يكره الطعام الحار حتى تذهب حرارته ويخمد دخانه، وجمع بين إدامين في وقت واحد، ولم يصب من طعام الصدقة شيئًا؛ لأنها محرمة عليه.
فإذا جلس إلى الطعام لم يجلس متكئًا؛ لأن هذا لم يكن من عادة العرب الذين كانت عاداتهم أوسط العادات؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتبع سنن العرب وعاداتهم في الجلوس إلى الطعام، فكان ينصب رجله اليمنى ويجلس على اليسرى، أو يجثو على ركبتيه ويجلس على ظهر قدميه. فإذا شرع في الأكل، ابتدأ باسم الله، وأكل بيمينه، وأكل مما يليه، وأكل من حافتي الطعام لا من وسطه. وإذا فرغ من طعامه لم يمسح يده حتى يلعقها هي والصحفة؛ التماسًا للبركة. فإذا رُفعت المائدة، حمد الله قائلاً: "الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة". وفي بعض الروايات قال: "الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا". وفي بعضها الآخر: "اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرًا منه".
وأما أنواع الطعام التي أكلها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي - كما يقول المقريزي في إمتاع الأسماع: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل على مائدة وعلى الأرض، وكانت له قصعة كبيرة، وأكل خبز الشعير، وائتدم بالخل، وأكل القثاء والدُّباء والسمن والأقط والحيس والزبد واللحم والقديد والشواء ولحم الدجاج، ولحم الحبارى، وأكل الخبيص والهريسة، وعاف أكل الضب، واجتنب ما تؤذي رائحته، وأكل الجمار والتمر والقنب والرطب والبطيخ، وكان يحب الحلواء والعسل، وجمع بين إدامين، ولم يأكل متكئًا ولا صدقة[1].
إرسال تعليق