بعد يومين تحل ذكرى مرور 82 سنة على استسلام الأمير عبد الكريم الخطابي
الذي قدم تجربة فريدة في المقاومة والتحرر برغم الظروف الصعبة
والاستثنائية لمنطقة جبال الريف شمال المغرب، كانت بدايتها مع معركة أنوال
الشهيرة في أول يوليوز ,1921 وانتهت مع معركة بطولية في مواجهة حملة
استعمارية فرنسية – إسبانية انتهت في 26 مايو .1926
ورغم استمرار جوانب من إرث هذه الثورة التحررية لعقود تلت، وخاصة في تجديد ودعم مشروع المقاومة للاستعمار بشمال إفريقيا ككل مع التحاق الأمير عبد الكريم الخطابي بمصر بدءا من ,1947 وإلهام مسار الحركة الوطنية قبل ذلك، ثم تحوله لمرجعية تاريخية بالنسبة لقطاعات من الحركات السياسية والاجتماعية في مغرب الاستقلال، سواء منها اليسارية أو الإسلامية أو الأمازيغية، فإن الذكرى تحل اليوم ومعها يتجدد التساؤل عما بقي من هذا الإرث؟
قد يكون من المؤلم التصريح بأن إرث الأمير مستهدف بمحاولات اغتيال متواصلة، لعل من أبرز مظاهرها أن هذه الذكرى تزامنت مع إقدام وجه بارز من التيار السياسي العلماني داخل الحركة الأمازيغية على اللجوء للبرلمان الإسباني بعد منع حزبه من قبل وزارة الداخلية، لجوء اعتبرته فعالية أمازيغية إسلامية بمثابة تمهيد لنظام حماية جديد. وللعلم فقد حمل الاستعمار الإسباني وكذلك الفرنسي للمغرب اسم نظام الحماية.
أيضا تأتي هذه الذكرى وقد خرج للعلن استعداد التيار نفسه للعب ورقة التطبيع مع إسرائيل واعتبار مشكلة النزاع في فلسطين مشكلة عربية – إسرائيلية لا علاقة لها بالأمازيغ، وذلك بإقدام الشخصية نفسها على زيارة تل أبيب والتسويق لذلك، في تناقض كلي مع المشروع التحرري للأمير عبد الكريم الخطابي، لاسيما عندما نقف على تأسيس جمعية للصداقة الريفية – الإسرائيلية تحولت فيما بعد لجمعية للذاكرة المشتركة بين اليهود والأمازيغ، بعد الاحتجاجات الشديدة التي عرفها المغرب على سلوك من هذا النوع.
سيكون من المفيد التذكير بحقيقتين تاريخيتين في هذه الذكرى:
أولا، أن محاولة اختطاف الأمازيغية من قبل المشروع الصهيوني تقف على النقيض من تاريخ عميق من التضامن بين العالم الإسلامي، ذلك أن مسلمي يافا أقدموا في يونيو 1925 -أي بموازاة الحملة الفرنسية-الإسبانية الأولى على جمهورية الريف- على تنظيم حملة تبرعات لمصلحة جرحى الريف، ومما جاء في الرسالة التي حررها محمد توفيق مفتي يافا السابق والتي وجهها إلى رئيس جمعية تضامن العلماء في مصر +إن نداءكم الصاعد من قبل ملؤه الإخلاص قد وصل إلى آذان الموحدين فانعطفت أفئدة الحنو على مجاهدي الريف وتشكل في بعض مدن فلسطين جمعيات لقبول الإعانات، وقد بلغ ما وصل ليد جمعية يافا 379 جنيها و265 مليما؛. والرسالة مؤرخة في 25 يوليو ,1925 ونشرت بالأهرام المصرية في 3 أغسطس ,1925 وربما تُكشف لأول مرة، حيث لم يسبق أن جرى الحديث بهذا التفصيل عن موضوع العلاقة بين الأمير عبد الكريم الخطابي والشعب الفلسطيني، وهي حقا رسالة لمن يتوجه اليوم من الريف إلى إسرائيل، ظنا منه أن تلك طريق بناء الذاكرة المشتركة، في حين أن التاريخ الحقيقي على النقيض من ذلك.
أما الحقيقة الثانية، فهي أن الحملة الفرنسية – الإسبانية الثانية في مايو 1926 تزامنت مع انعقاد مؤتمر الخلافة بمصر لبحث موضوع إعادة الخلافة بعد إلغائها من قبل أتاتورك في .1924 وكان من المدعويين للمؤتمر الأمير عبد الكريم الخطابي، بل وانتصب فريق بمصر لترشيحه لتولي هذا المنصب. ولعل من المثير الإشارة إلى أن خبر هذا الترشيح عممته الشركة التلغرافية اليهودية في فبراير ,1925 ونشر هو الآخر في جريدة الأهرام القاهرية في عددها المؤرخ بـ 20 فبراير ,1925 خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار أن العالم الإسلامي لم يكن يعرف سوى أربع دول مستقلة هي تركيا التي تخلت عن حمل لواء الخلافة، والحجاز الذي كان بصدد الخروج من حرب داخلية أنهكته، وأفغانستان التي كانت في عزلة، ثم الريف الذي كان نموذج المنطقة المحررة والقوية والصامدة، وهو ما لا يستبعد أن يكون هذا الخوف من عودة الخلافة والتحاق الأمير بها، أحد أسباب التسريع بالحملة على ضوء تقارير الاستعمار الفرنسي بالمغرب والمحفوظة بأرشيفات الخارجية الفرنسية، والتي ظهر فيها القلق الكبير إزاء تطورات التحضير لمؤتمر الخلافة واحتمالات ترشيح الأمير عبد الكريم الخطابي لها.
ربما يكون التذكير بهذه الحقائق أفضل رد على محاولات الاغتيال الجديد للذاكرة المغربية عامة ولعبد الكريم الخطابي خاصة، اغتيال لإرثه في مقاومة الاستعمار كيفما كان وأينما كان، اغتيال يبدأ بنفي ما هو مُشرق وإشاعة ما هو مظلم، ليؤسس في النهاية لمنطق الحماية الجديد.
ورغم استمرار جوانب من إرث هذه الثورة التحررية لعقود تلت، وخاصة في تجديد ودعم مشروع المقاومة للاستعمار بشمال إفريقيا ككل مع التحاق الأمير عبد الكريم الخطابي بمصر بدءا من ,1947 وإلهام مسار الحركة الوطنية قبل ذلك، ثم تحوله لمرجعية تاريخية بالنسبة لقطاعات من الحركات السياسية والاجتماعية في مغرب الاستقلال، سواء منها اليسارية أو الإسلامية أو الأمازيغية، فإن الذكرى تحل اليوم ومعها يتجدد التساؤل عما بقي من هذا الإرث؟
قد يكون من المؤلم التصريح بأن إرث الأمير مستهدف بمحاولات اغتيال متواصلة، لعل من أبرز مظاهرها أن هذه الذكرى تزامنت مع إقدام وجه بارز من التيار السياسي العلماني داخل الحركة الأمازيغية على اللجوء للبرلمان الإسباني بعد منع حزبه من قبل وزارة الداخلية، لجوء اعتبرته فعالية أمازيغية إسلامية بمثابة تمهيد لنظام حماية جديد. وللعلم فقد حمل الاستعمار الإسباني وكذلك الفرنسي للمغرب اسم نظام الحماية.
أيضا تأتي هذه الذكرى وقد خرج للعلن استعداد التيار نفسه للعب ورقة التطبيع مع إسرائيل واعتبار مشكلة النزاع في فلسطين مشكلة عربية – إسرائيلية لا علاقة لها بالأمازيغ، وذلك بإقدام الشخصية نفسها على زيارة تل أبيب والتسويق لذلك، في تناقض كلي مع المشروع التحرري للأمير عبد الكريم الخطابي، لاسيما عندما نقف على تأسيس جمعية للصداقة الريفية – الإسرائيلية تحولت فيما بعد لجمعية للذاكرة المشتركة بين اليهود والأمازيغ، بعد الاحتجاجات الشديدة التي عرفها المغرب على سلوك من هذا النوع.
سيكون من المفيد التذكير بحقيقتين تاريخيتين في هذه الذكرى:
أولا، أن محاولة اختطاف الأمازيغية من قبل المشروع الصهيوني تقف على النقيض من تاريخ عميق من التضامن بين العالم الإسلامي، ذلك أن مسلمي يافا أقدموا في يونيو 1925 -أي بموازاة الحملة الفرنسية-الإسبانية الأولى على جمهورية الريف- على تنظيم حملة تبرعات لمصلحة جرحى الريف، ومما جاء في الرسالة التي حررها محمد توفيق مفتي يافا السابق والتي وجهها إلى رئيس جمعية تضامن العلماء في مصر +إن نداءكم الصاعد من قبل ملؤه الإخلاص قد وصل إلى آذان الموحدين فانعطفت أفئدة الحنو على مجاهدي الريف وتشكل في بعض مدن فلسطين جمعيات لقبول الإعانات، وقد بلغ ما وصل ليد جمعية يافا 379 جنيها و265 مليما؛. والرسالة مؤرخة في 25 يوليو ,1925 ونشرت بالأهرام المصرية في 3 أغسطس ,1925 وربما تُكشف لأول مرة، حيث لم يسبق أن جرى الحديث بهذا التفصيل عن موضوع العلاقة بين الأمير عبد الكريم الخطابي والشعب الفلسطيني، وهي حقا رسالة لمن يتوجه اليوم من الريف إلى إسرائيل، ظنا منه أن تلك طريق بناء الذاكرة المشتركة، في حين أن التاريخ الحقيقي على النقيض من ذلك.
أما الحقيقة الثانية، فهي أن الحملة الفرنسية – الإسبانية الثانية في مايو 1926 تزامنت مع انعقاد مؤتمر الخلافة بمصر لبحث موضوع إعادة الخلافة بعد إلغائها من قبل أتاتورك في .1924 وكان من المدعويين للمؤتمر الأمير عبد الكريم الخطابي، بل وانتصب فريق بمصر لترشيحه لتولي هذا المنصب. ولعل من المثير الإشارة إلى أن خبر هذا الترشيح عممته الشركة التلغرافية اليهودية في فبراير ,1925 ونشر هو الآخر في جريدة الأهرام القاهرية في عددها المؤرخ بـ 20 فبراير ,1925 خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار أن العالم الإسلامي لم يكن يعرف سوى أربع دول مستقلة هي تركيا التي تخلت عن حمل لواء الخلافة، والحجاز الذي كان بصدد الخروج من حرب داخلية أنهكته، وأفغانستان التي كانت في عزلة، ثم الريف الذي كان نموذج المنطقة المحررة والقوية والصامدة، وهو ما لا يستبعد أن يكون هذا الخوف من عودة الخلافة والتحاق الأمير بها، أحد أسباب التسريع بالحملة على ضوء تقارير الاستعمار الفرنسي بالمغرب والمحفوظة بأرشيفات الخارجية الفرنسية، والتي ظهر فيها القلق الكبير إزاء تطورات التحضير لمؤتمر الخلافة واحتمالات ترشيح الأمير عبد الكريم الخطابي لها.
ربما يكون التذكير بهذه الحقائق أفضل رد على محاولات الاغتيال الجديد للذاكرة المغربية عامة ولعبد الكريم الخطابي خاصة، اغتيال لإرثه في مقاومة الاستعمار كيفما كان وأينما كان، اغتيال يبدأ بنفي ما هو مُشرق وإشاعة ما هو مظلم، ليؤسس في النهاية لمنطق الحماية الجديد.
إرسال تعليق