من ثمارهم تعرفونهم.
عبارة قصيرة لكن مدلولها عظيم الفائدة.لأن أهل الحق يعرفون من خلال عقائدهم و من خلال فهمهم لكتاب الله و لسنة رسوله .و من خلال سلوكاتهم الموافقة للشرع .
و ليس هناك من طريقة أفضل لمعرفة حقيقة فرقة أو أي شخص من خلال من معرفته من خلال معتقداته و فهمه للقرآن الكريم و للحديث النبوي الشريف ..
لذا فمن أراد معرفة حقيقة الشيخ اليماني من غير أن يظلمه , فما عليه سوى قراءة كتبه .
لأن كلام الإنسان دليل على منهجه .فإن صحت عقيدته و صح فهمه فهو من أهل الحق و إن فسدت عقيدته أو فسدت تصوراته للدين و فسد فهمه للقرآن و للحديث فلا شك أن دعواه كلها فاسدة .
لذلك يطيب لي أن أستسمح الشيخ اليماني لإبداء اعتراضات أراه أنا اعتراضات قوية , إلى حين إثبات العكس , و من خلال هذه الاعتراضات يتضح جليا مدى صدق دعوى الشيخ اليماني .
و أظنني بعملي هذا أسدي جميلا للشيخ اليماني, لأنني أعطيه فرصة للتوضيح أكثر و لبيان دعواه بشكل أجلى , فإن استطاع أن يقنع القراء و يثبت أنه على الحق كان من أهل الحق.و إن خانته دعوته و تبين للقراء بعده عن الحق , فأنا أسدي له أيضا جميلا لأنه سيرى أنه من الصعب ادعاء الحق دون تقديم البراهين القاطعة التي تثبت أنه الحق حقا .
أرجو من الشيخ أن يتسع صدره للاعتراضات و أن يتنازل تواضعا لله للرد عليها .بل هذا من واجبه , لأنه يدعي أنه وصي الإمام المهدي مخلص البشرية من الضلال .
قرأت للشيخ ثلاثة كتب , و هي :
رحلة موسى مع العبد الصالح.
الجهاد باب الجنة.
حاكمية الله لا حاكمية الناس .
و أنا بصدد قراءة كتابه بعنوان التوحيد , و سأطرح إن شاء الله ما أراه اعتراضات علمية تستوجب الشرح و البيان .
و هذا من حق كل مسلم , بل من حق كل إنسان اطلع على دعوى وصي المهدي, و من واجب وصي المهدي أن ينقذ الناس , و لن يكون إنقاذهم إلا بإقناعهم بصحة دعوى وصي المهدي .
رحلة موسى لليماني:
جاء في كتاب الشيخ اليماني : (( أما الذين خاضوا في هذه القصة القرآنية فقد تعثروا بالعبد الصالح وعظم عليهم تصور عبد
لم يصرح القرآن بهويته
أو اسمه أن يكون أعلم من موسى النبي وهو من أولي العزم من الرسل،
كما لم يعلموا أن العبد الصالح إنسان نزل إلى هذا العالم الجسماني لتعليم موسى , وزمانه لم يحن
بعد، بل وحثهم على الانتقاص من العبد الصالح وغمط حقه القرآني الواضح الجلي بأنه أعلم
من موسى ورود تسميته بالخضر في بعض الروايات دون أن يلتفتوا إلى أن الخضر صفة
وليست اسمًا ويمكن أن تطلق على أكثر من شخصية...))).
من يقرأ كلام الشيخ هنا يترقب أن يقوم الشيخ اليماني بحل واحدة من معضلات القصص القرآني .و هي قصة موسى و العبد الصالح .حيث بالفعل تعثر في تفسيرها كل المفسرين القدامى و المعاصرين , باستثناء العلماء المسلمين الأحمديين .لأنهم تعلموا منهجية تفسير القرآن الكريم من الإمام المهدي المسيح المحمدي عليه الصلاة و السلام.فكان تفسيرهم لسورة الكهف آية تبين بشكل قاطع صدق مؤسس الأحمدية و صدق دعواه .
لكن الشيخ اليماني , تجاوز مجمع البحرين و لم يعرفه –حسب نصيحة الشيخ نفسه للناس في كتابه هذا-و لم يقرأ الشيخ تفسير العلماء الأحمديين لقصة موسى مع العبد الصالح .بل لسورة الكهف كلها التي استعصت على أفهام البشر بخالص مجهوداتهم البشرية .
فكان من الشيخ اليماني :
تفادى الشيخ اليماني الحديث في زمن حصول تلك الرحلة المادية التي يراها .فلم يشإ أن يدخل نفسه في متاهات كبيرة جدا لا يستطيع الخروج منها.فهو لم يحدد متى حصلت الرحلة؟.
و كم دامت ؟.
و أين تم اللقاء بين موسى و العبد الصالح؟.
1-يدعي اليماني أن العبد الصالح هو مجمع البحرين . كما أن مجمع البحرين تعني أيضا عند الشيخ فاطمة و علي رضي الله عنهما .
لكنه لا يبين مفهوم عبارة (( فلما بلغا مجمع بينهما)) .أي فلما بلغ موسى و يوشع مجمع بينهما .
هل يقصد مجمع البحرين المادي ؟.أي مجمع بحرين حقيقي؟.
أم العبد الصالح؟.
لا بد لليماني أن يثبت على كلامه فيقول: مجمع بينهما هو العبد الصالح.
لكن العبارة (( مجمع بينهما)) هنا لا تصلح نيابة عن العبد الصالح .لأنه لو قلنا أن مجمع بينهما تعني العبد الصالح, لصار في القصة خطأ رهيب.فها هو موسى يبلغ مجمع البحرين أي العبد الصالح .و قد قال من قبل: لن ابرح حتى أبلغ مجمع البحرين .
و ها هو موسى قد بلغ مجمع البحرين قبل أن يتخذ الحوت طريقه في البحر .
و لو نظرنا في زعم الشيخ أن مجمع البحرين تعني فاطمة و علي, فيكون لزاما أن موسى التقى بفاطمة و علي , قبل ميلادهما أصلا لأنهما مجمع البحرين .
تناسى الشيخ اليماني أن من مات لن يعود للحياة أبدا و كما أخبرنا القرآن الكريم و الحديث الشريف .و الأدلة كثيرة في المقام.فلا يمكن للحوت المطبوخ المعد كأكل أن تعود فيه الروح ليسلك مسلكا في البحر .و إن احتج شيخنا بقدرة الله تعالى, و هو احتجاج عبثي لأنه يرمي الله تعالى بالتناقض بين فعله و قوله, فيكون الشيخ قد فتح باب السفسطة و باب تبرير الخرافات مهما بلغت من النكارة .لأنه لا يمكنه رد كلام المسيحيين في التجسد و الفداء.
فما المانع إذن أن يتجسد الله في يسوع؟.
و ما المانع أن يموت الله فداء للبشر؟.
يقول الشيخ اليماني( و الحقيقة أن زمن العبد الصالح لم يكن قد حان بعد .... و لكنه لما نزل لتعليم موسى في هذا العالم الجسماني ..أصبح هو الحجة على موسى...)).
من أين أتيت يا شيخنا بهذه الحقيقة؟.
و كيف أثبت لنا أنه حقيقة؟.
الحقيقة التي تبدو لي واضحة جلية أن العبد الصالح الذي لم يحن زمن نزوله كما تدعي , إنما هو عبد ليس بصالح , فلا يأمر بمعروف و لا ينهى عن منكر , فضلا على أنك تفرض حقيقة لا حقيقة لها يا شيخنا .فكيف يكون العبد الصالح في زمن هو ليس فيه بكائن بعد؟.
ثم , ألا ترى أن قولك هذا إنما يمس حكمة الله تعالى و علمه بسوء؟.
لماذا لم يختر الله تعالى هذا العبد الصالح نبيا رسولا في زمن موسى ؟.
لا سيما حين زعمت أنه نزل خصيصا لتعليم موسى؟.
ثم لماذا يختار الله موسى نبيا في زمن نزول العبد الصالح الأعلم و الأجدر من موسى؟.
ثم ما هي مهمة العبد الصالح و نحن اليوم على بعد قرون كثيرة من زمن موسى؟.
يقول الشيخ اليماني ( ولكن في النهاية كان لابد للعبد الصالح الذي لم يكن من هذا العالم ......)).
كان على الشيخ أن يبين من أي العوالم جاء هذا العبد الصالح؟.
لأن كلامه المبهم هذا يفقده الحجة أكثر مما فقده حتى الآن .
و القضية مهمة كثيرا , لأن العبد الصالح فعلا ليس من عالم موسى المادي يومئذ بل هو من عالم آخر , سنرى إن شاء الله ماهية هذا العالم بعد الفراغ من بيان أخطاء الشيخ اليماني.
و يتشبث الشيخ اليماني بفارق بين موسى و بين العبد الصالح, ذلك أن العبد الصالح لا يأكل و لا يجوع بينما موسى كان يجوع و يترك مجلس العلم الذي لن يجده أبدا لقاء لقيمات يقتل بها جوعه .و هذه من الإساءات الواضحة لنبي الله موسى عليه السلام , فكيف اقترفها الشيخ اليماني المعصوم؟.
و لا يزال الشيخ متماديا في كلامه عن موسى بشكل يجعل موسى معترا لا يصبر على الجوع, فيقول الشيخ أن موسى طلب الطعام من أهل القرية من شدة الجوع؟.
فكيف بنا أمام نبي من أولي العزم يخرج في طلب الغذاء الروحي, لكنه سرعان ما ينقلب طالبا للغذاء المادي بشتى الطرق ؟.
و في النهاية غادر العبد الصالح موسى و يوشع لأنهما أرهقا من الجوع .سبحان الله و بحمده .
كان الصحابة عليهم السلام, ينسون أجسادهم كلها في لحظات الصلاة, حتى يقال أن أحدهم اضطر إلى بتر ساقهو فأمر القوم أن يبتروها بينما هو قائم يصلي .لأنه ينقطع من هذا العالم أثناء صلاته فلا يحسن بتر ساقه.فكيف بنبي من أولي العزم , يترك مجلسا من مجالس العلم لم يحدث إلا مرة واحدة في تاريخ البشرية , لقاء وجبة من طعام مطلوبة من اهل قرية بخلاء؟.
من هو العبد الصالح؟:
هنا يفصح الشيخ اليماني عن اتجاه مذهبه بصراحة, فيقول أن العبد الصالح هو مجمع البحرين.و مجمع البحرين هما علي و فاطمة .و لا بد أن أن يكون العبد الصالح من أبائهما .و لا بد أن يكون هو القائم نفسه.
و هنا سيدي العزيز نصبح أمام خرافة, فاقت تخاريف المسيحيين عن يسوع .
فالقائم عند الشيخ اليماني موجود منذ آلاف السنين .بدليل انه هو من التقى موسى عليه السلام, و علمه أنه لا يمكنه أن يكون قائم آل محمد.لأن موسى فاشل في مهماته , و ذو جوعات .
سيدي العزيز, إن قائمكم هو محمد بن الحسن العسكري الذي ولد سنة 255 هجرية كما تعتقدون –لأن الحقيقة أن الحسن العسكري مات قبل أن ينجب أصلا- .
لكنك تعطينا قائما جاء للدنيا من غير أن تحدد لنا تاريخ ولادته .هذا إن كانت ولادته كولادة البشر .لأنك سبق و أن قلت أنه جاء من عالم آخر , و أن زمن نزوله لم يحن بعد و قت موسى .و ها نحن اليوم بعد 34 قرنا من الزمن لم يحن بعد لمجيء القائم .
و ها نحن نقف عند الشيخ اليماني على إساءة واضحة لرسول الله محمد خاتم النبيين .فيدعي الشيخ أن علوم الأنبياء حرفين من أصل 27 حرفا .
و حين يخرج القائم يكون معه 25 حرفا .
فسبحان الله و بحمده.
فهل يكون رسول الله و هو والد الزهراء رضي الله عنها و هي جزء من جزئين من مجمع البحرين , في هذا المستوى الضئيل من العلم مقارنة بأحد أولاد مجمع البحرين؟؟؟؟.
تتوالى الإساءات التي لم ينتبه إليها صاحبها الشيخ اليماني فيقول ( فالمعصية الحقيقية كانت في التعدي على الشجرة لا أكل الثمرة .{.... وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ} (35) سورة البقرة فيقول الشيخ ( و الشجرة كانت محمدا و آل محمد.
و هنا لا بد للقارئ الواعي أن يحتار سائلا: هل أمرنا الله تعالى أن لا نقرب محمدا و آل محمد؟؟؟؟؟.
يواصل الشيخ هروبه من مواجهة قصة موسى و العبد الصالح متجنبا تفسير كل الآيات القرآنية الكريمة التي تتحدث عن القصة, و يخوض في كلام , خطير جدا.فيقول أن ابتلاء موسى لم يكن في أفعال العبد الصالح, بل في العبد الصالح نفسه .و ليشرح كلامه , قاس بين قصة موسى و العبد الصالح و قصة آدم عليه السلام و إبليس .
و لا شك أن القياس هنا مبني على جهل بحقيقة قصة الخلق نفسها , فضلا على كون الجانب الذي يقابل موسى في قصة الخلق إنما هو إبليس .و هنا يهدم الشيخ اليماني تفسيره الخاطئ بإساءة رهيبة لنبي الله موسى عليه السلام.
و يواصل الشيخ متحدثا عن القصة, فيزعم أن في الملائكة ظلمة جعلتهم يعترضون على خلق آدم و جعله خليفة .
و يتناسى أن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون .و يتضح من تخبط اليماني أنه لا يعرف حقيقة قصة الخلق أصلا , و لا يعرف من هم الملائكة في قصة الخلق و من هو إبليس .
نصيحة :
كتب الشيخ نصيحة , ليته يعمل بها .فقال ما معناه , أن موسى ضيع الهدف من رحلته و كان قريبا جدا منه , بل تجتوزه ثم عاد إليه ...
نصيحتي يا شيخنا اليماني, أن تقتدي بموسى .
فها أنت ضيعت هدفك و هو قائم آل محمد .فمررت عليه , و لم تعرفه .فليتك تعود لتعرفه .إنه مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام, فلا مهدي و لا مسيح غيره .
بعد ذكر ملاحق ليس لها هدف سوى ترسيخ فكرة الإمامة, جاء الشيخ لتفسير قصة موسى و العبد الصالح:
فكتب عن السفينة , أنها كانت لمساكين متضرعين لله , و ليس بمعنى فقراء محتاجين , فالفقير لا يستطيع أن يملك سفينة .و كانوا لا يريدون ان يستعمل الملك سفينتهم في عدوانه و جرائمه. فنزل العبد الصالح لحل المعضلة العويصة, فجعل فيها عيبا , كي لا يقبلها الطاغية .
سبحان الله و بحمده.
هذا هو مبلغ علم العبد الصالح القادم من زمن لم يحن بعد ؟.
الم يكن هؤلاء العابدون الصالحون بقادرين على أن يجعلوا في سفينتهم عيبا بأنفسهم؟ .و هذه حيلة سهلة بسيطة لا تعزب عن عقل اي عاقل .
لكن ما قولك : لو أن الملك الطاغية , أخذ السفينة و أعاد ترميمها بشكل رائع و محكم؟.
ثم كتب الشيخ اليماني عن الغلام, و كيف قتله العبد الصالح قبل أن يقترف الجريمة اصلا .و كنت أنتظر هذه اللحظة , لأن مسالة الغلام هذه بينت ضلال كل المفسرين القدامى و المعاصرين , و كنت أعلق آمالا كثيرة على وصي المهدي , لعله يأتي بتفسير محكم , معقول , يرد تهكمات النصارى و أعداء الإسلام في مسألة قتل الغلام قبل اقتراف الجريمة .لكن الشيخ تعثر عثرة كبيرة توضح جليا أنه مجرد موهوم , فتك به طول انتظار القائم الذي لا دليل على وجوده أصلا .فادعى الشيخ أنه وصي المهدي و أنه حاز من العلم ما يثبت به صدق دعواه .لكن للأسف الشديد , هنا ينهار الشيخ تماما, لأنه يتساوى مع من نعتهم من قبل بقلة العلم, الذين لو أنهم توقفوا عن تفسير القصة لكلن خيرا لهم من الخوض فيها .
برر الشيخ اليماني قتل الغلام قبل اقترافه جريمة قط بشرع من قبلنا .و هذا تبرير هروبي لا يقبله عاقل.و حاول تبرير قتل الغلام بكون باطنه اسود .
و هي تهمة فضفاضة لا يمكن لأحد النجاة منها لو تآمر عليه غيره ظلما و عدوانا .
فلا يملك المسكين ما يفك به نفسه من قيود تهمة تتعلق بالباطن الذي لا يعلمه سوى الخالق جل و علا.
فالعقوبة لا يمكن أن تكون قبل حدوث الجريمة.بل لا يمكن للعقوبة أن تحدث إلا بعد ثبوت الجريمة على صاحبها و إدانته . فكيف بغلام بريء لم يرتكب بعد جريمة يستحق بها القتل؟.
في سبيل تبرير قتل الغلام لا يمكنك الإختباء بقصة إبراهيم عليه السلام . لأن إبراهيم لم يقل لابنه: يا بني , إنني رايت أنك سترهقني و أمك , و أنك ستصبح عاقا لوالديك .و الله أمرني بقتلك قبل أن يحدث هذا منك .
فلا سبيل لتمرير تفسيرك الخاطئ من وراء قصة مغايرة تماما .
كما لا يمكنك تمرير تفسيرك أيضا بقصة عبد المطلب مع ابنه عبد الله .لأن عبد المطلب لم يوجه تهمة العقوق لابنه عبد الله .و أنت تعرف القصة جيدا.
كما لا يمكنك تبرير بزعمك أن الفاعل الحقيقي لقتل الغلام هو والده الذي كان يدعو عليه .
لأن الغلام لم يعق والده بعد .
فكيف يدعو عليه والده بالموت و بالقتل قبل حدوث العقوق ؟.
أم أن والد الغلام نزل من زمن لم يحن بعد؟.و انه كان يعلم الغيب أيضا؟.
ثم كتب الشيخ عن قصة الجدار :
فزعم أن الجدار هو لغلامين يتيمين و كان تحته كنز لهما تركه لهما والدهما , , لكن قال الشيخ اليماني ,أن والد الغلامين ترك لهما مع الكنز نصيحة .مكتوبة .لا بد أن تكون مكتوبة .
لكننا نسأل الشيخ: أين دليلك على أن الوالد ترك نصيحة مكتوبة مع الكنز؟.
ثم لماذا لم يعلم الوالد علومه و نصائحه لابنيه في حياته ؟.
و هو لا يأمن أصلا أن يعثر غيرهما على الكنز أو أن يبع الغلامان بيتهما و هما لا يعرفان شيئا عن الكنز و عن النصيحة؟.
و ها أنت ترى في كتاب الله أن الجدار يريد أن ينقض, بمعنى أن الغلامين لا يعلمان شيئا عن الكنز و لا على النصيحة.
و يا ليتك لم تخبرنا عن هذه النصيحة, التي لا تستدعي ان يخفيها الرجل عن زوجته و لا عن ابنائهو و لا عن كل الناس .فكان الأحرى به أن يترك الكنز لأبنائه و يراهم و هم يعملون الصالحات تحت إمرته و بمشورته .لكن الوالد في نظرك تائه معتوه , ترك ابناءه في ضياع في الفقر و التشرد , و الجهل .
يواصل الشيخ حديثه ليخبرنا عن العبر و الإستنباطات الرائعة من قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح مجمع البحرين , فيزعم أن لآل البيت سفينة و غلام و جدار أيضا .فالسفينة و هي لأصحاب القائم فتعاب لتحفظ من الطواغيت .
سبحان الله و بحمده, كان الأولى بسفينة آل البيت أن تظهر جلية واضحة ليركب فيها من يريد النجاة و طريق الله تعالى .
لكنها تعاب , ليحدث الضلال و العياذ بالله .فلا يعرفها الناس .
الغلام:
الغلام يقتل لأن باطنه أسود .
يا أخي العزيز , إذا كان سواد الباطن تهمة تستوجب القتل, فوالله لن ينجو من هذه التهمة بشر قط.لأن بإمكان الناس أن يتهموا كل أحد بسواد الباطن .و إن كان قائم آل محمد يطبق العقوبة قبل وقع الجريمة, فإننا نسأل الله تعالى أن لا يريه فرجا أدا .
فهل الأمة و هل البشرية في حاجة إلى مزيد من سفك الدماء بتهم فضفاضة لا ينجو منها أحد؟.
و أما الجدار , فيقول الشيخ باختصار أنه علم آل محمد .
و هنا لا بد أن اصارح الشيخ اليماني , إذا كنت أنت وصي المهدي القائمو و هذا مبلغ علمك, فهنيئا لك مثل هذه الاوهام التي هي خليط بين الخرافة و بين الإساءات للأنبياء و بين تبرير الجرائم و توعد الناس بتهم بسواد باطنهم ثم قتلهم قبل أن يقترفوا جرما .
في الأخير , أتوجه إلى الشيخ اليماني بنصيحة غالية ثمينة:
شيخنا العزيز , لقد طلبت أنت مجمع البحرين , لكنك تمر به و لا تعرفه بكرة و عشيا .
بل إنك لم تعد تطلبه بصدق القلب و بإخلاص إلى الله تعالى .
و لو أنك فعلت لقرأت تفسير سورة الكهف من التفسير الكبير للخليفة الثاني للإمام المهدي و المسيح الموعود عليه الصلاة و السلام, و لو أنك فعلت لرأيت صحة الحديث في أن المهدي يبث العلم في الناس .لأن تفسير الأحمدية لقصة الكهف يثبت صدق القرآن الكريم و صدق رسول الإسلام خاتم النبيين, بشكل معجز, أما تفسيرك أنت, فبكل صراحة أقول لك: شكرا جزيلا على طرحك تفسيرك لقصة موسى و العبد الصالح.
لأن من يقرأ تفسيرك يدرك حقيقة دعواك .
أنت واحد من عموم الشيعة الذين يئسوا من انتظار القائم الذي لا يملكون دليلا يثبت وجوده أصلا , فرحت تبحث عن مخرج و متنفس لهذا الانتظار المرير , فاهتديت إلى حيلة الوصية التي ما أنزل الله بها من سلطان .
و إن قيل من قبل :فاقد الشيء لا يعطيه, فكيف بالمفقود المعدوم أن يعطي شيئا لا وجود له .
و أترككم مع تفسير الجماعة الإسلامية الأحمدية لسورة الكهف حتى يتسنى للقراء معرفة الحق .
IslamAhmadiyya.net - الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية
كتاب الشيخ اليماني أحمد الحسن وصي و رسول الإمام المهدي -كما يدعي - بعنواون( حاكمية الله لا حاكمية الناس )).
عبارة قصيرة صغيرة , لو أن الشيخ فهمها حق الفهم لما تورط في هذه القضية العصية , السهلة اليسيرة في نفس الوقت :
الدين لله و الوطن للجميع
يقول الشيخ أن حاكمية الناس جاء بها الشيطان الأكبر و سماها الديمقراطية .أو الحرية أو الإنتخابات .
ثم يعرج الشيخ كعادته للحديث عن مذهبه و يزعم أن حاكمية الناس هي دعوى ظهرت يوم السقيفة حيث تمت إزاحة أمير المؤمنين علي رضي الله عنهو ليؤول الحكم للناس .حكما لا يقبل به الله تعالى و لا رسوله و لا الأئمة.و يحتج الشيخ اليماني بما يفند نظريته تجاه الخلفاء الراشدين عليهم رضوان الله تعالى فيستدل بقول الله تعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران.
بما أن الشيخ يرى أن الملك هو الحكم , لأنه يتأسف على قبول الناس حاكمية الناس, فليته يخبرنا , كيف آل الحكم لأبي بكر و الفاروق و عثمان قبل علي رضي الله تعالى عنهم جميعا مع كون الله تعالى هو مالك الملك؟.ألا تعني الآية الكريمة أن الله تعالى هو الذي آتى الصديق الملك؟.
و من بعده الفاروق و ذي النورين؟.
أم أن هؤلاء تمكنوا من انتزاع الملك من مالك الملك عنوة و قهرا؟.
و يتجاهل الشيخ اليماني الآيات القرآنية التي تقرر أن الإستخلاف يكون بإرادة الله تعالى .مثل قول الله تعالى : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.
غذ من الواضح أن الفاعل في قول الله تعالى (( ليستخلفنهم)) إنما هو الله تعالى .و الفاعل أيضا هو الله تعالى في قوله(( كما استخلف)) .
مما يثبت يقينا أن الخلافة الأولى و الخلافة الثانية إنما هي إرادة الله تعالى .
و الله فعلا لما يريد, فثبت أن الصديق و الفاروق و عثمان رضي الله عنهم هم الخلفاء الراشدون في البعثة الأولى.لأن إرادة الله لا تقهر , و كلام الله لا يرد .
ثم يتأسف الشيخ اليماني عن فشل الأئمة و الإمام الغائب في أن يكون لهم دور في ظل حاكمية الناس و يعني الديمقراطية .
و للأسف الشديد , الشيخ لا يعي هنا أنه يطعن في نجاح الأئمة و القائم, لأنهم لم يستطيعوا إقناع الناس بعلومهم, فلم يكن لهم دور و لا حاكمية باعتبارهم أهل الله كما يدعي الشيخ .
و الأكثر أسفا , أن فشل الأئمة و القائم إنما يرجع إلى فشل الخطة المرسومة للقائم .فلا ذنب على الناس إن هم آثروا حاكمية الناس في ظل غيبة رجل لم يظهر حتى الآن .
فهل سيقول لهم: لماذا قبلتم حاكمية الناس و تركتم حاكمية الله على يدي عندما كنت غائبا؟.
و يواصل الشيخ طرحه العاطفي الهش مستنكرا على الناس اختيارهم الحاكم عن طريق الإنتخابات طبقا للدساتير التي وضعها الناس .
و هنا يتضح الخلل الذي يعيش فيه صاحبنا .إنه يدور في نفس فلك الفكر التقليدي المريض.حيث يتصور المسلمون أن الحكم لا بد أن يكون دينيا .متناسين أن الله تعالى خلق الناس مختلفين.يعيشون شعوبا و قبائل ليتعارفوا .و ليس ليتقاتلوا .
إذ لو أن كل أهل دين تمسكوا بهذا الفهم السطحي للدين, لما انتهت الحروب أبدا.و لما آل الحكم لفئة إلى لبرهة وجيزة, يسترد بعدها غيرهم الكرة , و يحكمون كما يشاءون .
و النتيجة الصحيحة, هي أن الحكم الديني لا بد أن يكون حكما استبداديا بالضرورة .إلا إذا آل الحكم لأناس مسلمين يفهمون حقيقة الإسلام الصحيح, حيث لا إكراه في الدين .
و الشيخ يعرف أن كثيرا من الدول , تتكون من فئات متعددة من المواطنين , بعضهم مسلمون, و بعضهم مسيحيون و بعضهم ملحدون .و كلهم بشر أناس عقلاء. فلأي منهم سيكون الحكم يا شيخنا؟.
هل سيكون للمسلمين من بين غيرهم؟.
عنوة و جبرا؟.
و ماذا لو كان المسلمون قلة في دولة ما ؟.هل ترى باقي المواطنين يقبلون بحكم إسلامي هم لا يدينون بدينه أصلا؟.
هل سيجبرهم المسلمون على أداء الصلوات الخمس و دفع الزكاة؟.
ما هذا يا شيخ؟.
و لو أن العكس هو الحاصل , فهل يقبل المسلمون الكثيرون أن تطبق عليهم شرائع ديانة غيرهم؟.
و هنا ينبغي أن تعي أن البشر بشر سواء كانوا كفارا أو موحدين , فكما تتوهم أنت أن الحكم يجب أن يكون في يديك , فهم أيضا من حقهم أن يتمنوا أن يكون الحكم في أيديهم .
فهل ستقبل إذا قادك المسيحي لحضور القداس مكرها؟.
أو أن تشرب الخمر مكرها؟.
يبدو أن نظريتك قد تلاشت منذ البداية, لأن العبارة الرائعة تقضي على ترهاتك من البداية: الدين لله و الوطن للجميع .
فإن شئت أنت الذهاب غلى الجنة, فاذهب.لكن لا ينبغي لك أن تأخذ غيرك إلى الجنة و هو لا يريد .
من المأمول و من الجميل الرائع أن يكون كل المواطنين في دولة ما مسلمين .بل لا يكفي أن يكونوا مسلمين فقط.بل يجب أن يكونوا كلهم جميعا من فرقة واحدة .في هذا الإحتمال النادر, لا بأس أن يكون الحكم في الدولة بالشريعة الإسلامية عاما لجميع المواطنين .
لكن إن كان بين المواطنين مسلمون , و غير مسلمين, فمن العبث أن يدعي أحد إمكانية تطبيق الشريعة الإسلامية على كل المواطنين .
فالمسيحي لا يمكن أن يقوم بركن من أركان الدين كالصلاة عنوة و جبرا .
و لا يمكنه دفع الزكاة باعتبارها شعيرة إسلامية .
كما لا يمكن للمسيحي حتى و لو كان رئيسا للدولة أن يجبر المسلم على إحياء الطقوس المسيحية .
و من الطبيعي أن يكون الحل الصحيح هو اختيار نظام الحكم الذي يتولى تسيير أمور الدولة و بشكل بعيد عن العنصرية المذهبية و الدينية و على أساس العدل .فالناس سواسية أمام الدولة و القانون .
أما الدين فلكل بشر إنسان أن يعتنق الدين الذي يريد .
أو أن يحيا بدون دين أصلا .
لكنه محكوم بواجبات في ظل الدولة التي ينتمي إليها .و محكموم بواجبات أخلاقية اجتماعية تجاه باقي المواطنين .
و لعل ابسط ما يفند دعوى الشيخ اليماني , هو خلو القرآن الكريم من الأمر بإقامة كيان إسلامي.سواء كان دولة أو إمارة أو مملكة .
ما أمر به القرآن الكريم صريح و صحيح و هو الحكم بالعدل .
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (58) سورة النساء.
فأنت ترى أن القرآن خال من الأمر بحكم الناس على مختلف مشاربهم بشريعة الإسلام .و إنما يتوجه القرآن للمسلمين بتطبيق شريعة الله في كيانهم المسلم, ككيان ديني خاص تربطه علاقة الإيمان بالله تعالى و الرضا بحكم شريعته .
و ليس في القرآن ما يجبر الناس على قبول الإسلام كرها .
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256) سورة البقرة.
لقد سبق لي أن قرأت في كتاب الشيخ عن قصة موسى و العبد الصالح , أن قتل الغلام كان لكون باطنه أسودا .
و في ظل حاكمية الشيخ اليماني سيقتل كل المخالفين لأن باطنهم أسود .و سيتم تنفيذ الإعدام في حقهم قبل اقتراف جريمة منهم قط .
فهل هذه حاكيمة الله ؟.
ثم يوق لالشيخ , نترك القلم لأحد دعاة الديمقراطية في أمريكا ليصف لنا الديمقراطية فيكتب (
ولعل الأفضل أن أترك القلم هنا لواحد من أفراد الشعب الأمريكي ولعالم من علماء أمريكا
الديمقراطية هو مارتن دودج ليصف لنا الديمقراطية في منبع الديمقراطية الحديثة، حيث يقول:
(جاءت الديمقراطية لأ ّ ن الناس أرادوا أن يعيشوا أحرارًا .... ولم تفد علينا الديمقراطية
الأمريكية من تلقاء نفسها بل كان مجيئها نتيجة جهاد وكفاح، إنها تجعل من الأفراد سادة أنفسهم
..... إنها تقدم إلينا الكثير من الفرص .. بل إنها تلقي بالمسؤوليات على كاهل كل فرد في المجتمع
.. ثم إنها تمد الطريق إلى ما لا نهاية له من تقدم وفلاح ..
)).
فعلا هذا هو الحق و الواقع .فهذه الشعوب بعد أن جربت منهج القوة و الإستعباد بالقوة و البطش و ادركت أنه يصير بالناس إلى الهلاك و إلى الهاوية , لجأوا إلى تحكيم العقل و انتهوا إلى ضرورة الرضوخ لحكم العقل , و حكم الأغلبية .و هذا هو الصحيح .
و يبقى المجال مفتوحا للناس للتنافس, فإن أنت خسرت الإنتخابات في هذه المرة, كان عليك الإجتهاد أكثر لإقناع الناس لينضموا إلى حزبك و برنامجك .و لو نجحت في غقناعهم فسيؤول الحكم إليك باعتباركم تمثلون الأغلبية .
و لا خوف على أمة تحكم بالعدل حتى و لكنتا شرائعها وضعية و مستمدة من فكر لا يؤمن بالله أصلا .
فالحكم بالعدل سيضمن للمواطن حقوقه و أمنه .
و هو خير له من ان يعيش في دولة و يمكن لأفرادها أن يتهموا أي شخص بسواد الباطن , و من ثمة يحكمون بقتله قبل أن يصدر منه ذنب .
و العجيب في كتاب الشيخ أنه طرح خلاصة تجربة الديمقراطية كنظام حكم عادل , لا يستمد قوته من دين أو مذهب و إنما من اساس عادل هو المواطنة و التساوي في نظر القانون .و بالفعل فإن كلام الأمريكي هذا خلاصة جميلة رائعة لما جناه الشعب الأمريكي من ثمار يانعة من الديمقراطية .
و لا يسع الشيخ اليماني أن ينكر تفوق الشعب الأمركي في شتى المجالات العلمية الدنيوية , كنتجية حتمية للحكم بالعدل .
أما الشق الثاني و هم الأهم, و اعني به الدين و العلاقة بين الإنسان و بين ربه, فهذه علاقة بين الله و عباده فرادى .و لا دخل لنظام الدولة فيه أبدا .
{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} (94) سورة الأنعام.
حيث اننا لم نسمع و لن نسمع أن دولة ما كانت تصلي و تصوم و تحج البيت .
فالدولة كيان معنوي هو عبارة عن مؤسسات قانونية , مهمتها تسيير أمور المواطنين في ظل العدل و المساواة .
فعن اية حاكمية تتحدث يا شيخنا العزيز؟.
و نرى اعتراف الشيخ اليماني بانتصار الديمقراطية على سائر أنظمة الحكم التي تقوم على أسس الطائفية أو القهر و القوة .و هذا شيئ جميل منه, لكن لا مناص له من الإعتراف به , لأنها حقيقة واقعية ثابتة .
فكل نظام صادق في دعواه من حيث تطبيق الديمقراطية , بشكل عادل و في ظل مساواة المواطنين لا شك أنه سينتصر.
لأن العدل أساس الحكم .
أما ما يدعيه الشيخ أن المنافس الوحيد للديمقراطية هو المهدي عنده, و المسيح عند الصنارى و المخلص في باقي الفكر الإنساني , فيبدو ان الشيخ لم يرتب معلوماته بعد.
فالمهدي أو المسيح في آخر الزمان ليس حاكما دنيويا , يرأس دولة أو يملك مملكة أو يرأس امبراطورية .إنما هو مبعوث رباني يعود بالمؤمنين إلى سبيل الله تعالى , إلى الصراط المستقيم .إلى جادة الحق و الصواب .
بل من مهامه الرئيسية هو نشر العلم الصحيح, و غزالة الباطل الذي رسخه أمثال هؤلاء من دعاة العلم .
فالمسيح أو المهدي سيقول كما قال الأنبياء من قبله : (( اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا)).
سيقول أن الظلم حرام,
و سيقول بوجوب الحكم بالعدل .
لكنه سيكون خليفة الله في الأرض بالنسبة للمؤمنين دون غيرهم .
فهو مبعوث رباني نبي مصلح , و ليس حاكما يتهم الناس بسواد الباطن , فيقيم مجازر بين خلق الله .
ثم كتب الشيخ (
الدكتاتورية مستبطنة في الديمقراطية:
وهذا ب.ين في الواقع العملي، فعند وصول مذهب فكري إلى السلطة عن طريق حزب معين
فإ.نه يحاول فرض نظرته السياسية على هذا البلد بشكل أو بآخر، وربما يقال إ ّ ن الناس هم الذين
انتخبوا وأوصلوا هذا المذهب إلى السلطة.
أقول: إ ّ ن الناس أوصلوا هذا الحزب وهذا المذهب الفكري بناء على ما هو موجود في الساحة
السياسية في فترة الانتخابات، أ.ما ما سيؤول إليه الأمر بعد عام فلا يعلمه الناس، فإذا حدث شيء
يضر بمصالحهم الدينية أو الدنيوية من هذا النظام الحاكم لا يستطيعون ر.ده وكما يقال (وقع الفأس
بالرأس).)).
هذا الإنحراف ممكن الحصول عند ما يؤول الأمر لأناس ليسوا صادقين مع مواطنيهم .
لكن الذنب ليس ذنب الديمقراطية كنظام يقوم على أساس العدل و المساواة و الحرية , و إنما الذنب ذنب هؤلاء الخونة .
فلا ينغي أن نحمل الديمقراطية أخطاء الخبثاء ممن ينسلخون من التزاماتهم في لحظات تصورا فيها أنهم ملكوا رقاب الناس .
و كما حدث من قبل و قد يحدث من بعد, قد يحدث هذا في حالة ما إذا آل الأمر إلى الشيخ اليماني و أمثاله .لا سيما حين عرفنا نظرية الشيخ في الحكم بالقتل على أساس تهمة سواد الباطن .
فما قام به هتلر أو غيره, لا يستبعد أن نرى اشد منه على أيدي من لا يفهمون حقيقة الإسلام .
بل هو أقرب إلى الوقوع بدليل أن الغثاء غثاء السيل الذين لا يعرفون حقيقة الإسلام, هم يقتلون مخالفيهم غدرا و جبنا لا لشيئ إلا لخلاف بينهم.
فأية حاكمية تتحدث عنها في زمن تجذرت فيه الأخلاق السيئة و الجهل بالدين و التخلي عن العقل؟.
يمضي الشيخ اليماني في تحميله الديمقراطية كنظام حكم , أخطاء و خبث من آل غليهم الحكم فعاثوا في الأرض مفسدين .و هو كلام لا يستحق أن نرد عليه أصلا .فالديمقراطية بريئة من خبث الحكام .لأنهم لو صدقوا شعوبهم و صدقتهم شعوبهم, لعاشوا عيشا رغيدا هنئيا حتى و لو كانوا ملحدين .
و أنا أقصد العيش المادي .
أما الدين فمرة أخرى نقول الدين لله .
لكن الشيخ يأتي بالأعاجيب , فيزعم أن الحاكمية لله تعالى تعني أن الحاكم يختاره الله .و يستدل بقول الله تعالى (( إني جاعل في الأرض خليفة)).
يا شيخنا العزيز , أنت لا تزال تعيش في ظل الفكر الظلامي الذي لا يضع الأشيائ في نصابها .
إني جاعل في الأرض خليفة تعني خليفة للطائفة المؤمنة .
فالله تعالى يختار الخليفة الإمام لتسيير أمور الفئة المؤمنة , فيما يخص دينها و دنياها, لكن لا يعني أن الله تعالى هو الذي سيختار رئيس دولة لبنان , حيث نصفها مسيحي و نصفها مسلم, نصفهم سنة و نصفهم شيعة .
فهل سيختار الله خليفة للمسيحيين في لبنان؟.
أم أنه سيختار خليفة للشيعة ؟.
ام للسنة؟.
ثم بالله عليك, هل يمكنك أن تعطينا أسماء الخلفاء الذين اختارهم الله تعالى للدول الإسلامية منذ أن غابت الخلافة الأولى؟.
أم هل أن الله تعالى تخلى عن دعوى الحاكمية بعد تنازل الحسن لمعاوية ؟.
أم انه غضب على أهل الأرض بعد مقتل الحسين , فلم يعد يختار خليفة للناس؟.
شيخنا العزيز, إنني لا أريد أن أتحداك أن تبين للناس كيف يختار الله خليفته للناس؟.
هل سينزل الله تعالى في ظلل من الملائكة ليتوج فلانا خليفة بين الناس؟.
هل يبعث ملكا لتنصيب رئيس دولة خليفة للناس؟.
أم ان يرسل كتابا مكتوبا مختوما بيد الله تعالى , ينصب فيه فلانا خليفة؟.
إن تطبيق الديمقراطية كنظام حكم على اساس العدل و المساواة لا يضر بدين الناس أبدا .لأن الديمقراطية لا تتدخل في علاقة الإنسان بمعبوده .
فإن كنت مسلما, فلك أن تعيش مسلما في ظل حكومة ديمقراطية عادلة لا تظلمك و لا تبطش بك .
و هذا أفضل من ان تعيش في ظل دولة دينية تدعي أنها إسلامية تفرض عيلك مذهبا لست مقتنعا به .لأنها ستمسك عقيدتك التي جعلها الله تعالى مؤسسة على الإقتناع التام و ليس بالإكراه .
و إن كنت مسيحيا تمارس شعائرك بين و بين معبودك مهما كان, فلا يمكن للديمقراطية أن تشكل عائقا أمامك في علاقتك مع معبودك .
القضية الشائكة هو الجهل بالدين , و محاولة حكم الناس بالقوة .
و عليه فالحكومة العادلة الكافرة أفضل آلاف المرات من الحكومة الدينية الظالمة.
ثم يأتي الشيخ اليماني إلى اخطر عبارة جاءت في كتابه , و هي تنم عن ضعف علمه , و قلة عقله, مما يهدم دعواه من أساسها .فيقول (
إذن، فالذي يقر الديمقراطية والانتخابات لا يمت للدين الإلهي بصلة وهو كافر بكل الأديان
وبحاكمية الله في أرضه.
)).
إن ضحالة علم الشيخ بادية للعيان هخنا من خلال سيرة الأنبياء جميعا .فهم على عظيم قدرهم عاشوا تحت حكم غيرهم من الكفار .و ما نادوا بحاكمية كالتي ينادي بها الشيخ اليماني .
فها هو عيسى عليه السلام, جاء و الرومان يستعمرون فلسطين و يحتلونها, لكنه ما أعلن حاكمية الله .بل قال: أعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله .
و ها هو خاتم النبيين , يبعثه الله في مكة, ليصبر على اضطهاد قريش طيلة 13 سنة كاملة , دون أن يتمرد عليها و دون أن يقول الحاكمية لله كما يقول الشيخ اليماني .
و لا داعي لسرد أمثلة أخرى, إذ سيتذكر القارئ الواعي قصة موسى مع فرعون, و قصة يوسف مع الملك و كيف أنه كان وزريا له....
و لا يمكن للشيخ اليماني إلا أن يعيد ترتيب معلوماته, لأنه يحكم بكفر الانبياء و المرسلين قبل الحكم بتكفير عوام الناس , بدعوى أن الديمقراطية كفر.
في محاولة يائسة لإثبات نظرية باطلة تبناها الشيخ اليماني قبل الإحاطة بهاو يحاول الشيخ تقديم البراهين القرآنية التي تسند طرحهو فيجد نفسه يهدم نظريته بنفسه , فهو حين يستدل بقول الله تعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران.
و قوله تعالى : (( إني جاعل في الأرض خليفة)).
يتوهم الشيخ ان الله تعالى حرم على الناس أن يضعوا أنظمة قانونية لتسيير أمورهم .و هذا باطل لا يسنده دليل .و يتوهم الشيخ أن الله هو من يعين الحاكم, و لا ينبغي للناس ان يختاروا رئيسا و لا ملكا لا عن طريق الإنتخابات و لا غيرها .
و نقول للشيخ : بالله عليك, إعطنا مثالا واحدا, عن شخص عينه الله تعالى من غير تدخل البشر اصلا .
لأن الله تعالى بريء من فهم الشيخ اليماني .
ذلك أن الله تعالى أخبرنا يقينا أنه هو الذي يستخلف الخليفة للطائفة المؤمنة, لكنه لم يخبرنا أن الطريقة الوحيدة هي أن الله تعالى يتدخل بشكل سافر في تعيين الخليفة.بحيث يصبح الخليفة مستلما لمهامه من غير انتخاب و لا شورى .
ثم إن الأخطر في طرح الشيخ اليماني هو هدمه لنظريته بنفسه .
فها نحن نعرف أنه منذ تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنهما, لم تعرف الأمة الإسلامية خليفة معينا من الله .
فهل تخلى الله تعالى عن حاكيمته في الأرض؟.
ثم إننا نعرف يقينا ان الله تعالى هو الذي استخلف الخلفاء الراشدين بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه , لكن لم يكن الإستخلاف بشكل خارق للعادة بحيث يتدخل الله تعالى تدخلا سافرا واضحا للعيان, كأن يرفع الصديق و يضعه على رأس الأمة الإسلامية من غير شورى من المؤمنين .
لكن الحقيقة أن الله تعالى هو من يختار الخليفة للفئة المؤمنة التي يطلب منها العيش في ظل شريعة الله تعالى , و ذلك بأن يوفق المؤمنين في اختيارهم لخليفة الله في الأرض.
أما ما يقدمه الشيخ فهو تصور مشوش , ينم عن جهل صريح , و مصادمة الواقع, مما جعله ينقض نظريته بنفسه .
بل كتب الشيخ نفسه تبين ضلاله و بعده عن الحق, و تفضح دعواه و تصبت كذبها .فلو أنك يا شيخنا اليماني صادق و من عند الله و من آل محمد , لما بدر منك كل هذا الجهل العظيم .
كتاب الشيخ اليماني أحمد الحسن حول الجهاد بعنوان :
الجهاد باب الجنة :
لن أتتبع كلام الشيخ كله من البداية حتى النهاية , لأن بيت القصيد هو تعريفه للجهاد في سبيل الله تعالى .
و لكون الشيخ يفصح عن تعريفه للجهاد في الصفحة 22 من كتابه حين كتب : (( الجهاد في سبيل الله نوعان جهاد هجومي و جهاد دفاعي .ثم بدأ بمناقشة النوع الأول من الجهاد في سبيل الله تعالى , فتبين جيلا أن الشيخ لم يخرج بعد من فلك الفكر الإسلامي الخاطئ المريض مرض الموت .
فهويعرف الجهاد تعريفا خاطئا منذ اللحظة الأولى حين قسم الجهاد في سبيل الله إلى نوعين جهاد دفاعي و جهاد هجومي .
لكن الطامة الكبرى , حين عرف الجهاد الهجومي فقال: (( و يمتثل بمهاجمة و قتال كل الأمم و الأقوام التي لا تعترف بدين الحق و خليفة الله في أرضه في ذلك الزمان حتى يذعنوا لكلمة لا إله إلا الله و دين الحق المرضي عند الله تعالى .و يسلموا زمام أمورهم لخليفة الله في أرضه في زمانهم..))
و لا يسعنا سوى ان نذكر الشيخ اليماني أن هذا التعريف مناقض للقرآن الكريم, و مناقض لتعاليم الإسلام السمحة , و مناقض للمنطق و للعقل .
فالدين الذي يرضاه الله لعباده لا يمكن أن تحمله السيوف لتدخله قلوب الناس .بل من واجب أهل هذا الدين أن ينشروه بالحكمة و الموعظة الحسنة , امتثالا لقول الله تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل.
و هذا العدوان الذي يسميه الشيخ اليماني جهادا في سبيل الله إنما هو عدوان غاشم لا يرضى به الله تعالى لأنه مخالف لقول الله تعالى : (( لا إكراه في الدين)).
و ليس لقتال الناس كافة كي يدخلوا في الإسلام سوى معنى الإكراه .
فمن أين أتيت يا شيخنا العزيز بهذا المفهوم الغريب للجهاد؟.
و كيف تنسبه إلى رسول الله خاتم النبيين الرحمة المهداة؟.
ثم تأتي الكارثة العظمى حين يقول الشيخ أن الأنبياء مارسوا هذا الجهاد الهجومي , و أن من بينهم رسول الله محمد صلى الله عليه و آله و سلم .
و كأن رسول الله محمدا صلى الله عليه و آله و سلم لم يسمع بقول الله تعالى : {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} (190) سورة البقرة.
فالآية صريحة و بكلمات عربية لا تحتاج شرحا أصلا .
فالجهاد القتالي شرعه الله تعالى لرد العدوان .
و الجهاد في سبيل الله تعالى يكون لرد العدوان الناتج عن الإضطهاد الديني .و لا يقال للحروب التي تشنها الدول حتى و لو كانت إسلامية بسبب المصالح الدنيوية المادية جهادا في سبيل الله .
و إنما يكون ذلك قتال في سبيل الدنيا و المصالح الدنيوية .
و من المستحيل أن يقوم رسول الله بمخالفة القرآن الكريم بشن حروب هجومية عدوانية .
و لا شك أن رسول الله قضى فترة طويلة في مكة , صابرا محتسبا , لم يشن على أهل مكة رغم عدائهم و ظلمهم له و للمسلمين حربا قط.بل لم يأمر حتى بالحرب السرية .فمن أين أتى الشيخ اليماني بهذا المفهوم الخاطئ للجهاد في سبيل الله تعالى؟.
بل بلغ العدوان بالكفار من قريش إلى حد محاولة قتل رسول الله , مما دعاه إلى الهجرة .حيث أخرجه الكفار من أحب بقاع الدنيا إليه .فخرج مهاجرا إلى المدينة , و هاجر المسلمون أيضا إلى المدينة هروبا بدينهم من جبروت الكفار .
و حتى و المسلمون في المدينة لم يحصل أن اعتدوا على قريش و لا على غير قريش.و كل ما يشاع عن المسلمين أنهم خرجوا للإستيلاء على قافلة قريش التجارية غنما هو تشويه للدين الإسلامي و لسيرة الرحمة المهداة .
و لم يعلن رسول الله الجهاد في سبيل الله إلا بعد تلقى الأمر من الله تعالى .{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (39) سورة الحـج{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40) سورة الحـج.
و من خلال الآيتين تتضح معالم الجهاد في سبيل الله تعالى .
فالإذن بالجهاد جاء بسبب ظلم الكفار للمسلمين .(( بأنهم ظلموا)) الباء هنا تعني السببية اي لأنهم ظلموا .
ثم تأتي الىية التالية لتوضح اكثر سبب الإذن بالقتال الدفاعي , و هو أن هؤلاء المستضعفين اخرجوا ظلما من ديارهم , لسبب وحيد يتيم , لا ثاني له و هو أنهم قالوا ( ربنا الله )) .
فالجهاد في سبيل الله إنما هو لرد العدوان بسبب الإضطهاد الديني .
لذلك كان منهج القرآن الكريم واضح منذ بداية الدعوة الإسلامية .(( لكم دينكم و لي دين)) .
و ل أن قريشا التزمت بهذا المنهج العادل, لما اضطر رسول الله إلى الهجرة و الخروج من مكة أصلا .
و كم هي كبيرة و عظيمة تلك الفرية التي يقول أصحابها ان رسول الله كان يدعو إلى السلم و السلام و التسامح في بداية الدعوة لأنه كان ضعيفا , لكنه لما اصبحت له قوة و جيش حول خطابه إلى الإرهاب و القتل و الذبح .
فحاشا رسول الله أن يكون بمثل هذه الإنتهازية المقيتة.
شيخنا العزيز,
غن الجهاد في سبيل الله يكون لرد العدوان الديني .اي لرد العدوان الذي يشنه الكفار على الفئة المؤمنة المسلمة, لا لسبب إلا أنهم يقولون ربنا الله .
و لا حرج من القتال لرد العدوان مهما كان سببه .لكن لا يمكن تسميته جهادا في سبيل الله تعالى .
بل يبقى قتالا مشروعا , و من مات فيه فله أجر الشهيد .
فمن يقوم بقتال المعتدين الذين احتلوا أرض وطنه , هو مجاهد مقاتل لكن ليس السبب هو الإضطهاد الديني حتى نقول أنه جهاد في سبيل الله , و إنما هو قتال مشروع لرد العدوان الهادف إلى سلب الأمة ارضها و خيراتها .
و نفس الشيئ يقال عن القتال بسبب العرض أو المال .
كلمة الله هي العليا :
تحت هذا العنوان قرأت كلاما عجيبا غريبا للشيخ اليماني فهو كتب يقول : ((
ولم تنقطع هذه الخلافة فيما مضى ولا تنقطع إلى يوم القيامة، وكما انقسم الملائكة إلى مقر
بهذه الخلافة ومنكر جاحد كافر بكلمة الله)).
هل يعي الشيخ اليماني ما يقول؟.
أنت ترمي الملائكة بالكفر , و أنت تعرف أنهم لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون , كما تعرف أيضا أن الملائكة ليسوا مكلفين بحيث يمكن أن يؤمن بعضهم و يكفر البعض الآخر .فما الذي تقصده هداك الله ؟.
كيف يعرف خليفة الله في أرضه في كل زمان؟ :
زعم الشيخ اليماني أن خليفة الله في أرضه يعرف بطريق ثان و هو الوصية .بحيث يوصي الخليفة السابق للاحق .لكن الشيخ يصادم الواقع المرير الذي نسف خرافة الإمامة عند الشيعة نسفا مبرما , إذ فضلا على استحالة إثبات وجود الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري , فالشيعة لا يستطيعون إثبات حصول وصية من هذا الإمام لغيره .
بل على العكس , ما دام الإمام المهدي موجودا عنهدم فما فائدة الوصية اصلا ؟.
فالإمام موجود و ما عليه سوى تسلم مهامه .
أليس هذا هو المنطق و العقل؟.
و من عجائب أمور الشيخ اليماني , هدمه نظرياته بنفسه في كل كتاب له .ففي هذا الكتاب أيضا , يهون الشيخ اليماني من العدد و العدة , زاعما أن المؤمنين يؤمنون بالغيب , و أن الله تعالى يمدهم بالملائكة لينصرهم نصرا عزيزا .
لكننا لا نرى و لا نسمع بجهاد القائم الموجود , فهل يعني هذا أن القائم لا يعلم علوم الشيخ اليماني ؟.فبقي خائفا من بني أمية حتى اليوم ؟.
و الله إن تصورك يا شيخنا لمذهبك إنما هو دليل قاطع على بطلان مذهب التشيع كله بجميع فرقه .
و غن كنا قد رأينا أن انهيار عقيدة واحدة لدى فرقة ما يعني بالضرورة انهيار تلك الفرقة برمتها .و لا شك أن عقائد الشيعة و عقائد مدرسة السلفية قد أضحت في مهب الريح , لظهور بطلان كثير منها بطلانا تاما, لا يمكن إسعافها بعد الآن أبدا .
و يبقى القرآن حجة على الخلق, لا سيما على الذين يدعون الإيمان و العلم, فها نحن نقرأ للشيخ اليماني تصوره للجهاد, لكننا لا نرى له قائمة في أرض الواقع تثبت أنه يفعل ما يقول .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (2) سورة الصف.
فهل تنقصك العدة؟.
أم ينقصك العدد؟.
بل ما حاجتك للعدد و العدة أصلا و أنت وصي القائم الحاضر الغائب؟.
ثم إن القارئ لكتاب الشيخ اليماني , لا بد أن تتملكه الدهشة لعظم التناقضات التي يعج بها الكتاب .فهو بعد أن اتهم رسول الله خاتم النبيين بممارسة القتال العدواني الهجومي, ها هو الشيخ يتكلم كلاما في غاية الإتزان , فيقول: ((
والرسول محمد دعا كسرى وقيصر للحق ودين الله سبحانه ولم يحمل السيف بوجههم
أولا ، بل إن الروم هم من بادروا لحمل السيف بوجه الرسول محمد .
ويجب أن نلتفت الى أن الدين والعقيدة لا يمكن أن تنتشر بالسيف كما لا تقتل عقيدة
بالسيف؛ ولذا فإن منهج جميع الأديان الإلهية ومنها خاتمها الإسلام في الدعوة إلى الله هو الحوار
والتذكير، بل إن وجود الكتب السماوية التوراة والإنجيل والقرآن خير دليل على ذلك؛ لأنها كتب
تفيض حكمة وحوارًا ودعوة إلى الله ، وليست سيوفًا تقطر دمًا.
عبارة قصيرة لكن مدلولها عظيم الفائدة.لأن أهل الحق يعرفون من خلال عقائدهم و من خلال فهمهم لكتاب الله و لسنة رسوله .و من خلال سلوكاتهم الموافقة للشرع .
و ليس هناك من طريقة أفضل لمعرفة حقيقة فرقة أو أي شخص من خلال من معرفته من خلال معتقداته و فهمه للقرآن الكريم و للحديث النبوي الشريف ..
لذا فمن أراد معرفة حقيقة الشيخ اليماني من غير أن يظلمه , فما عليه سوى قراءة كتبه .
لأن كلام الإنسان دليل على منهجه .فإن صحت عقيدته و صح فهمه فهو من أهل الحق و إن فسدت عقيدته أو فسدت تصوراته للدين و فسد فهمه للقرآن و للحديث فلا شك أن دعواه كلها فاسدة .
لذلك يطيب لي أن أستسمح الشيخ اليماني لإبداء اعتراضات أراه أنا اعتراضات قوية , إلى حين إثبات العكس , و من خلال هذه الاعتراضات يتضح جليا مدى صدق دعوى الشيخ اليماني .
و أظنني بعملي هذا أسدي جميلا للشيخ اليماني, لأنني أعطيه فرصة للتوضيح أكثر و لبيان دعواه بشكل أجلى , فإن استطاع أن يقنع القراء و يثبت أنه على الحق كان من أهل الحق.و إن خانته دعوته و تبين للقراء بعده عن الحق , فأنا أسدي له أيضا جميلا لأنه سيرى أنه من الصعب ادعاء الحق دون تقديم البراهين القاطعة التي تثبت أنه الحق حقا .
أرجو من الشيخ أن يتسع صدره للاعتراضات و أن يتنازل تواضعا لله للرد عليها .بل هذا من واجبه , لأنه يدعي أنه وصي الإمام المهدي مخلص البشرية من الضلال .
قرأت للشيخ ثلاثة كتب , و هي :
رحلة موسى مع العبد الصالح.
الجهاد باب الجنة.
حاكمية الله لا حاكمية الناس .
و أنا بصدد قراءة كتابه بعنوان التوحيد , و سأطرح إن شاء الله ما أراه اعتراضات علمية تستوجب الشرح و البيان .
و هذا من حق كل مسلم , بل من حق كل إنسان اطلع على دعوى وصي المهدي, و من واجب وصي المهدي أن ينقذ الناس , و لن يكون إنقاذهم إلا بإقناعهم بصحة دعوى وصي المهدي .
رحلة موسى لليماني:
جاء في كتاب الشيخ اليماني : (( أما الذين خاضوا في هذه القصة القرآنية فقد تعثروا بالعبد الصالح وعظم عليهم تصور عبد
لم يصرح القرآن بهويته
أو اسمه أن يكون أعلم من موسى النبي وهو من أولي العزم من الرسل،
كما لم يعلموا أن العبد الصالح إنسان نزل إلى هذا العالم الجسماني لتعليم موسى , وزمانه لم يحن
بعد، بل وحثهم على الانتقاص من العبد الصالح وغمط حقه القرآني الواضح الجلي بأنه أعلم
من موسى ورود تسميته بالخضر في بعض الروايات دون أن يلتفتوا إلى أن الخضر صفة
وليست اسمًا ويمكن أن تطلق على أكثر من شخصية...))).
من يقرأ كلام الشيخ هنا يترقب أن يقوم الشيخ اليماني بحل واحدة من معضلات القصص القرآني .و هي قصة موسى و العبد الصالح .حيث بالفعل تعثر في تفسيرها كل المفسرين القدامى و المعاصرين , باستثناء العلماء المسلمين الأحمديين .لأنهم تعلموا منهجية تفسير القرآن الكريم من الإمام المهدي المسيح المحمدي عليه الصلاة و السلام.فكان تفسيرهم لسورة الكهف آية تبين بشكل قاطع صدق مؤسس الأحمدية و صدق دعواه .
لكن الشيخ اليماني , تجاوز مجمع البحرين و لم يعرفه –حسب نصيحة الشيخ نفسه للناس في كتابه هذا-و لم يقرأ الشيخ تفسير العلماء الأحمديين لقصة موسى مع العبد الصالح .بل لسورة الكهف كلها التي استعصت على أفهام البشر بخالص مجهوداتهم البشرية .
فكان من الشيخ اليماني :
تفادى الشيخ اليماني الحديث في زمن حصول تلك الرحلة المادية التي يراها .فلم يشإ أن يدخل نفسه في متاهات كبيرة جدا لا يستطيع الخروج منها.فهو لم يحدد متى حصلت الرحلة؟.
و كم دامت ؟.
و أين تم اللقاء بين موسى و العبد الصالح؟.
1-يدعي اليماني أن العبد الصالح هو مجمع البحرين . كما أن مجمع البحرين تعني أيضا عند الشيخ فاطمة و علي رضي الله عنهما .
لكنه لا يبين مفهوم عبارة (( فلما بلغا مجمع بينهما)) .أي فلما بلغ موسى و يوشع مجمع بينهما .
هل يقصد مجمع البحرين المادي ؟.أي مجمع بحرين حقيقي؟.
أم العبد الصالح؟.
لا بد لليماني أن يثبت على كلامه فيقول: مجمع بينهما هو العبد الصالح.
لكن العبارة (( مجمع بينهما)) هنا لا تصلح نيابة عن العبد الصالح .لأنه لو قلنا أن مجمع بينهما تعني العبد الصالح, لصار في القصة خطأ رهيب.فها هو موسى يبلغ مجمع البحرين أي العبد الصالح .و قد قال من قبل: لن ابرح حتى أبلغ مجمع البحرين .
و ها هو موسى قد بلغ مجمع البحرين قبل أن يتخذ الحوت طريقه في البحر .
و لو نظرنا في زعم الشيخ أن مجمع البحرين تعني فاطمة و علي, فيكون لزاما أن موسى التقى بفاطمة و علي , قبل ميلادهما أصلا لأنهما مجمع البحرين .
تناسى الشيخ اليماني أن من مات لن يعود للحياة أبدا و كما أخبرنا القرآن الكريم و الحديث الشريف .و الأدلة كثيرة في المقام.فلا يمكن للحوت المطبوخ المعد كأكل أن تعود فيه الروح ليسلك مسلكا في البحر .و إن احتج شيخنا بقدرة الله تعالى, و هو احتجاج عبثي لأنه يرمي الله تعالى بالتناقض بين فعله و قوله, فيكون الشيخ قد فتح باب السفسطة و باب تبرير الخرافات مهما بلغت من النكارة .لأنه لا يمكنه رد كلام المسيحيين في التجسد و الفداء.
فما المانع إذن أن يتجسد الله في يسوع؟.
و ما المانع أن يموت الله فداء للبشر؟.
يقول الشيخ اليماني( و الحقيقة أن زمن العبد الصالح لم يكن قد حان بعد .... و لكنه لما نزل لتعليم موسى في هذا العالم الجسماني ..أصبح هو الحجة على موسى...)).
من أين أتيت يا شيخنا بهذه الحقيقة؟.
و كيف أثبت لنا أنه حقيقة؟.
الحقيقة التي تبدو لي واضحة جلية أن العبد الصالح الذي لم يحن زمن نزوله كما تدعي , إنما هو عبد ليس بصالح , فلا يأمر بمعروف و لا ينهى عن منكر , فضلا على أنك تفرض حقيقة لا حقيقة لها يا شيخنا .فكيف يكون العبد الصالح في زمن هو ليس فيه بكائن بعد؟.
ثم , ألا ترى أن قولك هذا إنما يمس حكمة الله تعالى و علمه بسوء؟.
لماذا لم يختر الله تعالى هذا العبد الصالح نبيا رسولا في زمن موسى ؟.
لا سيما حين زعمت أنه نزل خصيصا لتعليم موسى؟.
ثم لماذا يختار الله موسى نبيا في زمن نزول العبد الصالح الأعلم و الأجدر من موسى؟.
ثم ما هي مهمة العبد الصالح و نحن اليوم على بعد قرون كثيرة من زمن موسى؟.
يقول الشيخ اليماني ( ولكن في النهاية كان لابد للعبد الصالح الذي لم يكن من هذا العالم ......)).
كان على الشيخ أن يبين من أي العوالم جاء هذا العبد الصالح؟.
لأن كلامه المبهم هذا يفقده الحجة أكثر مما فقده حتى الآن .
و القضية مهمة كثيرا , لأن العبد الصالح فعلا ليس من عالم موسى المادي يومئذ بل هو من عالم آخر , سنرى إن شاء الله ماهية هذا العالم بعد الفراغ من بيان أخطاء الشيخ اليماني.
و يتشبث الشيخ اليماني بفارق بين موسى و بين العبد الصالح, ذلك أن العبد الصالح لا يأكل و لا يجوع بينما موسى كان يجوع و يترك مجلس العلم الذي لن يجده أبدا لقاء لقيمات يقتل بها جوعه .و هذه من الإساءات الواضحة لنبي الله موسى عليه السلام , فكيف اقترفها الشيخ اليماني المعصوم؟.
و لا يزال الشيخ متماديا في كلامه عن موسى بشكل يجعل موسى معترا لا يصبر على الجوع, فيقول الشيخ أن موسى طلب الطعام من أهل القرية من شدة الجوع؟.
فكيف بنا أمام نبي من أولي العزم يخرج في طلب الغذاء الروحي, لكنه سرعان ما ينقلب طالبا للغذاء المادي بشتى الطرق ؟.
و في النهاية غادر العبد الصالح موسى و يوشع لأنهما أرهقا من الجوع .سبحان الله و بحمده .
كان الصحابة عليهم السلام, ينسون أجسادهم كلها في لحظات الصلاة, حتى يقال أن أحدهم اضطر إلى بتر ساقهو فأمر القوم أن يبتروها بينما هو قائم يصلي .لأنه ينقطع من هذا العالم أثناء صلاته فلا يحسن بتر ساقه.فكيف بنبي من أولي العزم , يترك مجلسا من مجالس العلم لم يحدث إلا مرة واحدة في تاريخ البشرية , لقاء وجبة من طعام مطلوبة من اهل قرية بخلاء؟.
من هو العبد الصالح؟:
هنا يفصح الشيخ اليماني عن اتجاه مذهبه بصراحة, فيقول أن العبد الصالح هو مجمع البحرين.و مجمع البحرين هما علي و فاطمة .و لا بد أن أن يكون العبد الصالح من أبائهما .و لا بد أن يكون هو القائم نفسه.
و هنا سيدي العزيز نصبح أمام خرافة, فاقت تخاريف المسيحيين عن يسوع .
فالقائم عند الشيخ اليماني موجود منذ آلاف السنين .بدليل انه هو من التقى موسى عليه السلام, و علمه أنه لا يمكنه أن يكون قائم آل محمد.لأن موسى فاشل في مهماته , و ذو جوعات .
سيدي العزيز, إن قائمكم هو محمد بن الحسن العسكري الذي ولد سنة 255 هجرية كما تعتقدون –لأن الحقيقة أن الحسن العسكري مات قبل أن ينجب أصلا- .
لكنك تعطينا قائما جاء للدنيا من غير أن تحدد لنا تاريخ ولادته .هذا إن كانت ولادته كولادة البشر .لأنك سبق و أن قلت أنه جاء من عالم آخر , و أن زمن نزوله لم يحن بعد و قت موسى .و ها نحن اليوم بعد 34 قرنا من الزمن لم يحن بعد لمجيء القائم .
و ها نحن نقف عند الشيخ اليماني على إساءة واضحة لرسول الله محمد خاتم النبيين .فيدعي الشيخ أن علوم الأنبياء حرفين من أصل 27 حرفا .
و حين يخرج القائم يكون معه 25 حرفا .
فسبحان الله و بحمده.
فهل يكون رسول الله و هو والد الزهراء رضي الله عنها و هي جزء من جزئين من مجمع البحرين , في هذا المستوى الضئيل من العلم مقارنة بأحد أولاد مجمع البحرين؟؟؟؟.
تتوالى الإساءات التي لم ينتبه إليها صاحبها الشيخ اليماني فيقول ( فالمعصية الحقيقية كانت في التعدي على الشجرة لا أكل الثمرة .{.... وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ} (35) سورة البقرة فيقول الشيخ ( و الشجرة كانت محمدا و آل محمد.
و هنا لا بد للقارئ الواعي أن يحتار سائلا: هل أمرنا الله تعالى أن لا نقرب محمدا و آل محمد؟؟؟؟؟.
يواصل الشيخ هروبه من مواجهة قصة موسى و العبد الصالح متجنبا تفسير كل الآيات القرآنية الكريمة التي تتحدث عن القصة, و يخوض في كلام , خطير جدا.فيقول أن ابتلاء موسى لم يكن في أفعال العبد الصالح, بل في العبد الصالح نفسه .و ليشرح كلامه , قاس بين قصة موسى و العبد الصالح و قصة آدم عليه السلام و إبليس .
و لا شك أن القياس هنا مبني على جهل بحقيقة قصة الخلق نفسها , فضلا على كون الجانب الذي يقابل موسى في قصة الخلق إنما هو إبليس .و هنا يهدم الشيخ اليماني تفسيره الخاطئ بإساءة رهيبة لنبي الله موسى عليه السلام.
و يواصل الشيخ متحدثا عن القصة, فيزعم أن في الملائكة ظلمة جعلتهم يعترضون على خلق آدم و جعله خليفة .
و يتناسى أن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون .و يتضح من تخبط اليماني أنه لا يعرف حقيقة قصة الخلق أصلا , و لا يعرف من هم الملائكة في قصة الخلق و من هو إبليس .
نصيحة :
كتب الشيخ نصيحة , ليته يعمل بها .فقال ما معناه , أن موسى ضيع الهدف من رحلته و كان قريبا جدا منه , بل تجتوزه ثم عاد إليه ...
نصيحتي يا شيخنا اليماني, أن تقتدي بموسى .
فها أنت ضيعت هدفك و هو قائم آل محمد .فمررت عليه , و لم تعرفه .فليتك تعود لتعرفه .إنه مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام, فلا مهدي و لا مسيح غيره .
بعد ذكر ملاحق ليس لها هدف سوى ترسيخ فكرة الإمامة, جاء الشيخ لتفسير قصة موسى و العبد الصالح:
فكتب عن السفينة , أنها كانت لمساكين متضرعين لله , و ليس بمعنى فقراء محتاجين , فالفقير لا يستطيع أن يملك سفينة .و كانوا لا يريدون ان يستعمل الملك سفينتهم في عدوانه و جرائمه. فنزل العبد الصالح لحل المعضلة العويصة, فجعل فيها عيبا , كي لا يقبلها الطاغية .
سبحان الله و بحمده.
هذا هو مبلغ علم العبد الصالح القادم من زمن لم يحن بعد ؟.
الم يكن هؤلاء العابدون الصالحون بقادرين على أن يجعلوا في سفينتهم عيبا بأنفسهم؟ .و هذه حيلة سهلة بسيطة لا تعزب عن عقل اي عاقل .
لكن ما قولك : لو أن الملك الطاغية , أخذ السفينة و أعاد ترميمها بشكل رائع و محكم؟.
ثم كتب الشيخ اليماني عن الغلام, و كيف قتله العبد الصالح قبل أن يقترف الجريمة اصلا .و كنت أنتظر هذه اللحظة , لأن مسالة الغلام هذه بينت ضلال كل المفسرين القدامى و المعاصرين , و كنت أعلق آمالا كثيرة على وصي المهدي , لعله يأتي بتفسير محكم , معقول , يرد تهكمات النصارى و أعداء الإسلام في مسألة قتل الغلام قبل اقتراف الجريمة .لكن الشيخ تعثر عثرة كبيرة توضح جليا أنه مجرد موهوم , فتك به طول انتظار القائم الذي لا دليل على وجوده أصلا .فادعى الشيخ أنه وصي المهدي و أنه حاز من العلم ما يثبت به صدق دعواه .لكن للأسف الشديد , هنا ينهار الشيخ تماما, لأنه يتساوى مع من نعتهم من قبل بقلة العلم, الذين لو أنهم توقفوا عن تفسير القصة لكلن خيرا لهم من الخوض فيها .
برر الشيخ اليماني قتل الغلام قبل اقترافه جريمة قط بشرع من قبلنا .و هذا تبرير هروبي لا يقبله عاقل.و حاول تبرير قتل الغلام بكون باطنه اسود .
و هي تهمة فضفاضة لا يمكن لأحد النجاة منها لو تآمر عليه غيره ظلما و عدوانا .
فلا يملك المسكين ما يفك به نفسه من قيود تهمة تتعلق بالباطن الذي لا يعلمه سوى الخالق جل و علا.
فالعقوبة لا يمكن أن تكون قبل حدوث الجريمة.بل لا يمكن للعقوبة أن تحدث إلا بعد ثبوت الجريمة على صاحبها و إدانته . فكيف بغلام بريء لم يرتكب بعد جريمة يستحق بها القتل؟.
في سبيل تبرير قتل الغلام لا يمكنك الإختباء بقصة إبراهيم عليه السلام . لأن إبراهيم لم يقل لابنه: يا بني , إنني رايت أنك سترهقني و أمك , و أنك ستصبح عاقا لوالديك .و الله أمرني بقتلك قبل أن يحدث هذا منك .
فلا سبيل لتمرير تفسيرك الخاطئ من وراء قصة مغايرة تماما .
كما لا يمكنك تمرير تفسيرك أيضا بقصة عبد المطلب مع ابنه عبد الله .لأن عبد المطلب لم يوجه تهمة العقوق لابنه عبد الله .و أنت تعرف القصة جيدا.
كما لا يمكنك تبرير بزعمك أن الفاعل الحقيقي لقتل الغلام هو والده الذي كان يدعو عليه .
لأن الغلام لم يعق والده بعد .
فكيف يدعو عليه والده بالموت و بالقتل قبل حدوث العقوق ؟.
أم أن والد الغلام نزل من زمن لم يحن بعد؟.و انه كان يعلم الغيب أيضا؟.
ثم كتب الشيخ عن قصة الجدار :
فزعم أن الجدار هو لغلامين يتيمين و كان تحته كنز لهما تركه لهما والدهما , , لكن قال الشيخ اليماني ,أن والد الغلامين ترك لهما مع الكنز نصيحة .مكتوبة .لا بد أن تكون مكتوبة .
لكننا نسأل الشيخ: أين دليلك على أن الوالد ترك نصيحة مكتوبة مع الكنز؟.
ثم لماذا لم يعلم الوالد علومه و نصائحه لابنيه في حياته ؟.
و هو لا يأمن أصلا أن يعثر غيرهما على الكنز أو أن يبع الغلامان بيتهما و هما لا يعرفان شيئا عن الكنز و عن النصيحة؟.
و ها أنت ترى في كتاب الله أن الجدار يريد أن ينقض, بمعنى أن الغلامين لا يعلمان شيئا عن الكنز و لا على النصيحة.
و يا ليتك لم تخبرنا عن هذه النصيحة, التي لا تستدعي ان يخفيها الرجل عن زوجته و لا عن ابنائهو و لا عن كل الناس .فكان الأحرى به أن يترك الكنز لأبنائه و يراهم و هم يعملون الصالحات تحت إمرته و بمشورته .لكن الوالد في نظرك تائه معتوه , ترك ابناءه في ضياع في الفقر و التشرد , و الجهل .
يواصل الشيخ حديثه ليخبرنا عن العبر و الإستنباطات الرائعة من قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح مجمع البحرين , فيزعم أن لآل البيت سفينة و غلام و جدار أيضا .فالسفينة و هي لأصحاب القائم فتعاب لتحفظ من الطواغيت .
سبحان الله و بحمده, كان الأولى بسفينة آل البيت أن تظهر جلية واضحة ليركب فيها من يريد النجاة و طريق الله تعالى .
لكنها تعاب , ليحدث الضلال و العياذ بالله .فلا يعرفها الناس .
الغلام:
الغلام يقتل لأن باطنه أسود .
يا أخي العزيز , إذا كان سواد الباطن تهمة تستوجب القتل, فوالله لن ينجو من هذه التهمة بشر قط.لأن بإمكان الناس أن يتهموا كل أحد بسواد الباطن .و إن كان قائم آل محمد يطبق العقوبة قبل وقع الجريمة, فإننا نسأل الله تعالى أن لا يريه فرجا أدا .
فهل الأمة و هل البشرية في حاجة إلى مزيد من سفك الدماء بتهم فضفاضة لا ينجو منها أحد؟.
و أما الجدار , فيقول الشيخ باختصار أنه علم آل محمد .
و هنا لا بد أن اصارح الشيخ اليماني , إذا كنت أنت وصي المهدي القائمو و هذا مبلغ علمك, فهنيئا لك مثل هذه الاوهام التي هي خليط بين الخرافة و بين الإساءات للأنبياء و بين تبرير الجرائم و توعد الناس بتهم بسواد باطنهم ثم قتلهم قبل أن يقترفوا جرما .
في الأخير , أتوجه إلى الشيخ اليماني بنصيحة غالية ثمينة:
شيخنا العزيز , لقد طلبت أنت مجمع البحرين , لكنك تمر به و لا تعرفه بكرة و عشيا .
بل إنك لم تعد تطلبه بصدق القلب و بإخلاص إلى الله تعالى .
و لو أنك فعلت لقرأت تفسير سورة الكهف من التفسير الكبير للخليفة الثاني للإمام المهدي و المسيح الموعود عليه الصلاة و السلام, و لو أنك فعلت لرأيت صحة الحديث في أن المهدي يبث العلم في الناس .لأن تفسير الأحمدية لقصة الكهف يثبت صدق القرآن الكريم و صدق رسول الإسلام خاتم النبيين, بشكل معجز, أما تفسيرك أنت, فبكل صراحة أقول لك: شكرا جزيلا على طرحك تفسيرك لقصة موسى و العبد الصالح.
لأن من يقرأ تفسيرك يدرك حقيقة دعواك .
أنت واحد من عموم الشيعة الذين يئسوا من انتظار القائم الذي لا يملكون دليلا يثبت وجوده أصلا , فرحت تبحث عن مخرج و متنفس لهذا الانتظار المرير , فاهتديت إلى حيلة الوصية التي ما أنزل الله بها من سلطان .
و إن قيل من قبل :فاقد الشيء لا يعطيه, فكيف بالمفقود المعدوم أن يعطي شيئا لا وجود له .
و أترككم مع تفسير الجماعة الإسلامية الأحمدية لسورة الكهف حتى يتسنى للقراء معرفة الحق .
IslamAhmadiyya.net - الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية
كتاب الشيخ اليماني أحمد الحسن وصي و رسول الإمام المهدي -كما يدعي - بعنواون( حاكمية الله لا حاكمية الناس )).
عبارة قصيرة صغيرة , لو أن الشيخ فهمها حق الفهم لما تورط في هذه القضية العصية , السهلة اليسيرة في نفس الوقت :
الدين لله و الوطن للجميع
يقول الشيخ أن حاكمية الناس جاء بها الشيطان الأكبر و سماها الديمقراطية .أو الحرية أو الإنتخابات .
ثم يعرج الشيخ كعادته للحديث عن مذهبه و يزعم أن حاكمية الناس هي دعوى ظهرت يوم السقيفة حيث تمت إزاحة أمير المؤمنين علي رضي الله عنهو ليؤول الحكم للناس .حكما لا يقبل به الله تعالى و لا رسوله و لا الأئمة.و يحتج الشيخ اليماني بما يفند نظريته تجاه الخلفاء الراشدين عليهم رضوان الله تعالى فيستدل بقول الله تعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران.
بما أن الشيخ يرى أن الملك هو الحكم , لأنه يتأسف على قبول الناس حاكمية الناس, فليته يخبرنا , كيف آل الحكم لأبي بكر و الفاروق و عثمان قبل علي رضي الله تعالى عنهم جميعا مع كون الله تعالى هو مالك الملك؟.ألا تعني الآية الكريمة أن الله تعالى هو الذي آتى الصديق الملك؟.
و من بعده الفاروق و ذي النورين؟.
أم أن هؤلاء تمكنوا من انتزاع الملك من مالك الملك عنوة و قهرا؟.
و يتجاهل الشيخ اليماني الآيات القرآنية التي تقرر أن الإستخلاف يكون بإرادة الله تعالى .مثل قول الله تعالى : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.
غذ من الواضح أن الفاعل في قول الله تعالى (( ليستخلفنهم)) إنما هو الله تعالى .و الفاعل أيضا هو الله تعالى في قوله(( كما استخلف)) .
مما يثبت يقينا أن الخلافة الأولى و الخلافة الثانية إنما هي إرادة الله تعالى .
و الله فعلا لما يريد, فثبت أن الصديق و الفاروق و عثمان رضي الله عنهم هم الخلفاء الراشدون في البعثة الأولى.لأن إرادة الله لا تقهر , و كلام الله لا يرد .
ثم يتأسف الشيخ اليماني عن فشل الأئمة و الإمام الغائب في أن يكون لهم دور في ظل حاكمية الناس و يعني الديمقراطية .
و للأسف الشديد , الشيخ لا يعي هنا أنه يطعن في نجاح الأئمة و القائم, لأنهم لم يستطيعوا إقناع الناس بعلومهم, فلم يكن لهم دور و لا حاكمية باعتبارهم أهل الله كما يدعي الشيخ .
و الأكثر أسفا , أن فشل الأئمة و القائم إنما يرجع إلى فشل الخطة المرسومة للقائم .فلا ذنب على الناس إن هم آثروا حاكمية الناس في ظل غيبة رجل لم يظهر حتى الآن .
فهل سيقول لهم: لماذا قبلتم حاكمية الناس و تركتم حاكمية الله على يدي عندما كنت غائبا؟.
و يواصل الشيخ طرحه العاطفي الهش مستنكرا على الناس اختيارهم الحاكم عن طريق الإنتخابات طبقا للدساتير التي وضعها الناس .
و هنا يتضح الخلل الذي يعيش فيه صاحبنا .إنه يدور في نفس فلك الفكر التقليدي المريض.حيث يتصور المسلمون أن الحكم لا بد أن يكون دينيا .متناسين أن الله تعالى خلق الناس مختلفين.يعيشون شعوبا و قبائل ليتعارفوا .و ليس ليتقاتلوا .
إذ لو أن كل أهل دين تمسكوا بهذا الفهم السطحي للدين, لما انتهت الحروب أبدا.و لما آل الحكم لفئة إلى لبرهة وجيزة, يسترد بعدها غيرهم الكرة , و يحكمون كما يشاءون .
و النتيجة الصحيحة, هي أن الحكم الديني لا بد أن يكون حكما استبداديا بالضرورة .إلا إذا آل الحكم لأناس مسلمين يفهمون حقيقة الإسلام الصحيح, حيث لا إكراه في الدين .
و الشيخ يعرف أن كثيرا من الدول , تتكون من فئات متعددة من المواطنين , بعضهم مسلمون, و بعضهم مسيحيون و بعضهم ملحدون .و كلهم بشر أناس عقلاء. فلأي منهم سيكون الحكم يا شيخنا؟.
هل سيكون للمسلمين من بين غيرهم؟.
عنوة و جبرا؟.
و ماذا لو كان المسلمون قلة في دولة ما ؟.هل ترى باقي المواطنين يقبلون بحكم إسلامي هم لا يدينون بدينه أصلا؟.
هل سيجبرهم المسلمون على أداء الصلوات الخمس و دفع الزكاة؟.
ما هذا يا شيخ؟.
و لو أن العكس هو الحاصل , فهل يقبل المسلمون الكثيرون أن تطبق عليهم شرائع ديانة غيرهم؟.
و هنا ينبغي أن تعي أن البشر بشر سواء كانوا كفارا أو موحدين , فكما تتوهم أنت أن الحكم يجب أن يكون في يديك , فهم أيضا من حقهم أن يتمنوا أن يكون الحكم في أيديهم .
فهل ستقبل إذا قادك المسيحي لحضور القداس مكرها؟.
أو أن تشرب الخمر مكرها؟.
يبدو أن نظريتك قد تلاشت منذ البداية, لأن العبارة الرائعة تقضي على ترهاتك من البداية: الدين لله و الوطن للجميع .
فإن شئت أنت الذهاب غلى الجنة, فاذهب.لكن لا ينبغي لك أن تأخذ غيرك إلى الجنة و هو لا يريد .
من المأمول و من الجميل الرائع أن يكون كل المواطنين في دولة ما مسلمين .بل لا يكفي أن يكونوا مسلمين فقط.بل يجب أن يكونوا كلهم جميعا من فرقة واحدة .في هذا الإحتمال النادر, لا بأس أن يكون الحكم في الدولة بالشريعة الإسلامية عاما لجميع المواطنين .
لكن إن كان بين المواطنين مسلمون , و غير مسلمين, فمن العبث أن يدعي أحد إمكانية تطبيق الشريعة الإسلامية على كل المواطنين .
فالمسيحي لا يمكن أن يقوم بركن من أركان الدين كالصلاة عنوة و جبرا .
و لا يمكنه دفع الزكاة باعتبارها شعيرة إسلامية .
كما لا يمكن للمسيحي حتى و لو كان رئيسا للدولة أن يجبر المسلم على إحياء الطقوس المسيحية .
و من الطبيعي أن يكون الحل الصحيح هو اختيار نظام الحكم الذي يتولى تسيير أمور الدولة و بشكل بعيد عن العنصرية المذهبية و الدينية و على أساس العدل .فالناس سواسية أمام الدولة و القانون .
أما الدين فلكل بشر إنسان أن يعتنق الدين الذي يريد .
أو أن يحيا بدون دين أصلا .
لكنه محكوم بواجبات في ظل الدولة التي ينتمي إليها .و محكموم بواجبات أخلاقية اجتماعية تجاه باقي المواطنين .
و لعل ابسط ما يفند دعوى الشيخ اليماني , هو خلو القرآن الكريم من الأمر بإقامة كيان إسلامي.سواء كان دولة أو إمارة أو مملكة .
ما أمر به القرآن الكريم صريح و صحيح و هو الحكم بالعدل .
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (58) سورة النساء.
فأنت ترى أن القرآن خال من الأمر بحكم الناس على مختلف مشاربهم بشريعة الإسلام .و إنما يتوجه القرآن للمسلمين بتطبيق شريعة الله في كيانهم المسلم, ككيان ديني خاص تربطه علاقة الإيمان بالله تعالى و الرضا بحكم شريعته .
و ليس في القرآن ما يجبر الناس على قبول الإسلام كرها .
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256) سورة البقرة.
لقد سبق لي أن قرأت في كتاب الشيخ عن قصة موسى و العبد الصالح , أن قتل الغلام كان لكون باطنه أسودا .
و في ظل حاكمية الشيخ اليماني سيقتل كل المخالفين لأن باطنهم أسود .و سيتم تنفيذ الإعدام في حقهم قبل اقتراف جريمة منهم قط .
فهل هذه حاكيمة الله ؟.
ثم يوق لالشيخ , نترك القلم لأحد دعاة الديمقراطية في أمريكا ليصف لنا الديمقراطية فيكتب (
ولعل الأفضل أن أترك القلم هنا لواحد من أفراد الشعب الأمريكي ولعالم من علماء أمريكا
الديمقراطية هو مارتن دودج ليصف لنا الديمقراطية في منبع الديمقراطية الحديثة، حيث يقول:
(جاءت الديمقراطية لأ ّ ن الناس أرادوا أن يعيشوا أحرارًا .... ولم تفد علينا الديمقراطية
الأمريكية من تلقاء نفسها بل كان مجيئها نتيجة جهاد وكفاح، إنها تجعل من الأفراد سادة أنفسهم
..... إنها تقدم إلينا الكثير من الفرص .. بل إنها تلقي بالمسؤوليات على كاهل كل فرد في المجتمع
.. ثم إنها تمد الطريق إلى ما لا نهاية له من تقدم وفلاح ..
)).
فعلا هذا هو الحق و الواقع .فهذه الشعوب بعد أن جربت منهج القوة و الإستعباد بالقوة و البطش و ادركت أنه يصير بالناس إلى الهلاك و إلى الهاوية , لجأوا إلى تحكيم العقل و انتهوا إلى ضرورة الرضوخ لحكم العقل , و حكم الأغلبية .و هذا هو الصحيح .
و يبقى المجال مفتوحا للناس للتنافس, فإن أنت خسرت الإنتخابات في هذه المرة, كان عليك الإجتهاد أكثر لإقناع الناس لينضموا إلى حزبك و برنامجك .و لو نجحت في غقناعهم فسيؤول الحكم إليك باعتباركم تمثلون الأغلبية .
و لا خوف على أمة تحكم بالعدل حتى و لكنتا شرائعها وضعية و مستمدة من فكر لا يؤمن بالله أصلا .
فالحكم بالعدل سيضمن للمواطن حقوقه و أمنه .
و هو خير له من ان يعيش في دولة و يمكن لأفرادها أن يتهموا أي شخص بسواد الباطن , و من ثمة يحكمون بقتله قبل أن يصدر منه ذنب .
و العجيب في كتاب الشيخ أنه طرح خلاصة تجربة الديمقراطية كنظام حكم عادل , لا يستمد قوته من دين أو مذهب و إنما من اساس عادل هو المواطنة و التساوي في نظر القانون .و بالفعل فإن كلام الأمريكي هذا خلاصة جميلة رائعة لما جناه الشعب الأمريكي من ثمار يانعة من الديمقراطية .
و لا يسع الشيخ اليماني أن ينكر تفوق الشعب الأمركي في شتى المجالات العلمية الدنيوية , كنتجية حتمية للحكم بالعدل .
أما الشق الثاني و هم الأهم, و اعني به الدين و العلاقة بين الإنسان و بين ربه, فهذه علاقة بين الله و عباده فرادى .و لا دخل لنظام الدولة فيه أبدا .
{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} (94) سورة الأنعام.
حيث اننا لم نسمع و لن نسمع أن دولة ما كانت تصلي و تصوم و تحج البيت .
فالدولة كيان معنوي هو عبارة عن مؤسسات قانونية , مهمتها تسيير أمور المواطنين في ظل العدل و المساواة .
فعن اية حاكمية تتحدث يا شيخنا العزيز؟.
و نرى اعتراف الشيخ اليماني بانتصار الديمقراطية على سائر أنظمة الحكم التي تقوم على أسس الطائفية أو القهر و القوة .و هذا شيئ جميل منه, لكن لا مناص له من الإعتراف به , لأنها حقيقة واقعية ثابتة .
فكل نظام صادق في دعواه من حيث تطبيق الديمقراطية , بشكل عادل و في ظل مساواة المواطنين لا شك أنه سينتصر.
لأن العدل أساس الحكم .
أما ما يدعيه الشيخ أن المنافس الوحيد للديمقراطية هو المهدي عنده, و المسيح عند الصنارى و المخلص في باقي الفكر الإنساني , فيبدو ان الشيخ لم يرتب معلوماته بعد.
فالمهدي أو المسيح في آخر الزمان ليس حاكما دنيويا , يرأس دولة أو يملك مملكة أو يرأس امبراطورية .إنما هو مبعوث رباني يعود بالمؤمنين إلى سبيل الله تعالى , إلى الصراط المستقيم .إلى جادة الحق و الصواب .
بل من مهامه الرئيسية هو نشر العلم الصحيح, و غزالة الباطل الذي رسخه أمثال هؤلاء من دعاة العلم .
فالمسيح أو المهدي سيقول كما قال الأنبياء من قبله : (( اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا)).
سيقول أن الظلم حرام,
و سيقول بوجوب الحكم بالعدل .
لكنه سيكون خليفة الله في الأرض بالنسبة للمؤمنين دون غيرهم .
فهو مبعوث رباني نبي مصلح , و ليس حاكما يتهم الناس بسواد الباطن , فيقيم مجازر بين خلق الله .
ثم كتب الشيخ (
الدكتاتورية مستبطنة في الديمقراطية:
وهذا ب.ين في الواقع العملي، فعند وصول مذهب فكري إلى السلطة عن طريق حزب معين
فإ.نه يحاول فرض نظرته السياسية على هذا البلد بشكل أو بآخر، وربما يقال إ ّ ن الناس هم الذين
انتخبوا وأوصلوا هذا المذهب إلى السلطة.
أقول: إ ّ ن الناس أوصلوا هذا الحزب وهذا المذهب الفكري بناء على ما هو موجود في الساحة
السياسية في فترة الانتخابات، أ.ما ما سيؤول إليه الأمر بعد عام فلا يعلمه الناس، فإذا حدث شيء
يضر بمصالحهم الدينية أو الدنيوية من هذا النظام الحاكم لا يستطيعون ر.ده وكما يقال (وقع الفأس
بالرأس).)).
هذا الإنحراف ممكن الحصول عند ما يؤول الأمر لأناس ليسوا صادقين مع مواطنيهم .
لكن الذنب ليس ذنب الديمقراطية كنظام يقوم على أساس العدل و المساواة و الحرية , و إنما الذنب ذنب هؤلاء الخونة .
فلا ينغي أن نحمل الديمقراطية أخطاء الخبثاء ممن ينسلخون من التزاماتهم في لحظات تصورا فيها أنهم ملكوا رقاب الناس .
و كما حدث من قبل و قد يحدث من بعد, قد يحدث هذا في حالة ما إذا آل الأمر إلى الشيخ اليماني و أمثاله .لا سيما حين عرفنا نظرية الشيخ في الحكم بالقتل على أساس تهمة سواد الباطن .
فما قام به هتلر أو غيره, لا يستبعد أن نرى اشد منه على أيدي من لا يفهمون حقيقة الإسلام .
بل هو أقرب إلى الوقوع بدليل أن الغثاء غثاء السيل الذين لا يعرفون حقيقة الإسلام, هم يقتلون مخالفيهم غدرا و جبنا لا لشيئ إلا لخلاف بينهم.
فأية حاكمية تتحدث عنها في زمن تجذرت فيه الأخلاق السيئة و الجهل بالدين و التخلي عن العقل؟.
يمضي الشيخ اليماني في تحميله الديمقراطية كنظام حكم , أخطاء و خبث من آل غليهم الحكم فعاثوا في الأرض مفسدين .و هو كلام لا يستحق أن نرد عليه أصلا .فالديمقراطية بريئة من خبث الحكام .لأنهم لو صدقوا شعوبهم و صدقتهم شعوبهم, لعاشوا عيشا رغيدا هنئيا حتى و لو كانوا ملحدين .
و أنا أقصد العيش المادي .
أما الدين فمرة أخرى نقول الدين لله .
لكن الشيخ يأتي بالأعاجيب , فيزعم أن الحاكمية لله تعالى تعني أن الحاكم يختاره الله .و يستدل بقول الله تعالى (( إني جاعل في الأرض خليفة)).
يا شيخنا العزيز , أنت لا تزال تعيش في ظل الفكر الظلامي الذي لا يضع الأشيائ في نصابها .
إني جاعل في الأرض خليفة تعني خليفة للطائفة المؤمنة .
فالله تعالى يختار الخليفة الإمام لتسيير أمور الفئة المؤمنة , فيما يخص دينها و دنياها, لكن لا يعني أن الله تعالى هو الذي سيختار رئيس دولة لبنان , حيث نصفها مسيحي و نصفها مسلم, نصفهم سنة و نصفهم شيعة .
فهل سيختار الله خليفة للمسيحيين في لبنان؟.
أم أنه سيختار خليفة للشيعة ؟.
ام للسنة؟.
ثم بالله عليك, هل يمكنك أن تعطينا أسماء الخلفاء الذين اختارهم الله تعالى للدول الإسلامية منذ أن غابت الخلافة الأولى؟.
أم هل أن الله تعالى تخلى عن دعوى الحاكمية بعد تنازل الحسن لمعاوية ؟.
أم انه غضب على أهل الأرض بعد مقتل الحسين , فلم يعد يختار خليفة للناس؟.
شيخنا العزيز, إنني لا أريد أن أتحداك أن تبين للناس كيف يختار الله خليفته للناس؟.
هل سينزل الله تعالى في ظلل من الملائكة ليتوج فلانا خليفة بين الناس؟.
هل يبعث ملكا لتنصيب رئيس دولة خليفة للناس؟.
أم ان يرسل كتابا مكتوبا مختوما بيد الله تعالى , ينصب فيه فلانا خليفة؟.
إن تطبيق الديمقراطية كنظام حكم على اساس العدل و المساواة لا يضر بدين الناس أبدا .لأن الديمقراطية لا تتدخل في علاقة الإنسان بمعبوده .
فإن كنت مسلما, فلك أن تعيش مسلما في ظل حكومة ديمقراطية عادلة لا تظلمك و لا تبطش بك .
و هذا أفضل من ان تعيش في ظل دولة دينية تدعي أنها إسلامية تفرض عيلك مذهبا لست مقتنعا به .لأنها ستمسك عقيدتك التي جعلها الله تعالى مؤسسة على الإقتناع التام و ليس بالإكراه .
و إن كنت مسيحيا تمارس شعائرك بين و بين معبودك مهما كان, فلا يمكن للديمقراطية أن تشكل عائقا أمامك في علاقتك مع معبودك .
القضية الشائكة هو الجهل بالدين , و محاولة حكم الناس بالقوة .
و عليه فالحكومة العادلة الكافرة أفضل آلاف المرات من الحكومة الدينية الظالمة.
ثم يأتي الشيخ اليماني إلى اخطر عبارة جاءت في كتابه , و هي تنم عن ضعف علمه , و قلة عقله, مما يهدم دعواه من أساسها .فيقول (
إذن، فالذي يقر الديمقراطية والانتخابات لا يمت للدين الإلهي بصلة وهو كافر بكل الأديان
وبحاكمية الله في أرضه.
)).
إن ضحالة علم الشيخ بادية للعيان هخنا من خلال سيرة الأنبياء جميعا .فهم على عظيم قدرهم عاشوا تحت حكم غيرهم من الكفار .و ما نادوا بحاكمية كالتي ينادي بها الشيخ اليماني .
فها هو عيسى عليه السلام, جاء و الرومان يستعمرون فلسطين و يحتلونها, لكنه ما أعلن حاكمية الله .بل قال: أعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله .
و ها هو خاتم النبيين , يبعثه الله في مكة, ليصبر على اضطهاد قريش طيلة 13 سنة كاملة , دون أن يتمرد عليها و دون أن يقول الحاكمية لله كما يقول الشيخ اليماني .
و لا داعي لسرد أمثلة أخرى, إذ سيتذكر القارئ الواعي قصة موسى مع فرعون, و قصة يوسف مع الملك و كيف أنه كان وزريا له....
و لا يمكن للشيخ اليماني إلا أن يعيد ترتيب معلوماته, لأنه يحكم بكفر الانبياء و المرسلين قبل الحكم بتكفير عوام الناس , بدعوى أن الديمقراطية كفر.
في محاولة يائسة لإثبات نظرية باطلة تبناها الشيخ اليماني قبل الإحاطة بهاو يحاول الشيخ تقديم البراهين القرآنية التي تسند طرحهو فيجد نفسه يهدم نظريته بنفسه , فهو حين يستدل بقول الله تعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران.
و قوله تعالى : (( إني جاعل في الأرض خليفة)).
يتوهم الشيخ ان الله تعالى حرم على الناس أن يضعوا أنظمة قانونية لتسيير أمورهم .و هذا باطل لا يسنده دليل .و يتوهم الشيخ أن الله هو من يعين الحاكم, و لا ينبغي للناس ان يختاروا رئيسا و لا ملكا لا عن طريق الإنتخابات و لا غيرها .
و نقول للشيخ : بالله عليك, إعطنا مثالا واحدا, عن شخص عينه الله تعالى من غير تدخل البشر اصلا .
لأن الله تعالى بريء من فهم الشيخ اليماني .
ذلك أن الله تعالى أخبرنا يقينا أنه هو الذي يستخلف الخليفة للطائفة المؤمنة, لكنه لم يخبرنا أن الطريقة الوحيدة هي أن الله تعالى يتدخل بشكل سافر في تعيين الخليفة.بحيث يصبح الخليفة مستلما لمهامه من غير انتخاب و لا شورى .
ثم إن الأخطر في طرح الشيخ اليماني هو هدمه لنظريته بنفسه .
فها نحن نعرف أنه منذ تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنهما, لم تعرف الأمة الإسلامية خليفة معينا من الله .
فهل تخلى الله تعالى عن حاكيمته في الأرض؟.
ثم إننا نعرف يقينا ان الله تعالى هو الذي استخلف الخلفاء الراشدين بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه , لكن لم يكن الإستخلاف بشكل خارق للعادة بحيث يتدخل الله تعالى تدخلا سافرا واضحا للعيان, كأن يرفع الصديق و يضعه على رأس الأمة الإسلامية من غير شورى من المؤمنين .
لكن الحقيقة أن الله تعالى هو من يختار الخليفة للفئة المؤمنة التي يطلب منها العيش في ظل شريعة الله تعالى , و ذلك بأن يوفق المؤمنين في اختيارهم لخليفة الله في الأرض.
أما ما يقدمه الشيخ فهو تصور مشوش , ينم عن جهل صريح , و مصادمة الواقع, مما جعله ينقض نظريته بنفسه .
بل كتب الشيخ نفسه تبين ضلاله و بعده عن الحق, و تفضح دعواه و تصبت كذبها .فلو أنك يا شيخنا اليماني صادق و من عند الله و من آل محمد , لما بدر منك كل هذا الجهل العظيم .
كتاب الشيخ اليماني أحمد الحسن حول الجهاد بعنوان :
الجهاد باب الجنة :
لن أتتبع كلام الشيخ كله من البداية حتى النهاية , لأن بيت القصيد هو تعريفه للجهاد في سبيل الله تعالى .
و لكون الشيخ يفصح عن تعريفه للجهاد في الصفحة 22 من كتابه حين كتب : (( الجهاد في سبيل الله نوعان جهاد هجومي و جهاد دفاعي .ثم بدأ بمناقشة النوع الأول من الجهاد في سبيل الله تعالى , فتبين جيلا أن الشيخ لم يخرج بعد من فلك الفكر الإسلامي الخاطئ المريض مرض الموت .
فهويعرف الجهاد تعريفا خاطئا منذ اللحظة الأولى حين قسم الجهاد في سبيل الله إلى نوعين جهاد دفاعي و جهاد هجومي .
لكن الطامة الكبرى , حين عرف الجهاد الهجومي فقال: (( و يمتثل بمهاجمة و قتال كل الأمم و الأقوام التي لا تعترف بدين الحق و خليفة الله في أرضه في ذلك الزمان حتى يذعنوا لكلمة لا إله إلا الله و دين الحق المرضي عند الله تعالى .و يسلموا زمام أمورهم لخليفة الله في أرضه في زمانهم..))
و لا يسعنا سوى ان نذكر الشيخ اليماني أن هذا التعريف مناقض للقرآن الكريم, و مناقض لتعاليم الإسلام السمحة , و مناقض للمنطق و للعقل .
فالدين الذي يرضاه الله لعباده لا يمكن أن تحمله السيوف لتدخله قلوب الناس .بل من واجب أهل هذا الدين أن ينشروه بالحكمة و الموعظة الحسنة , امتثالا لقول الله تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل.
و هذا العدوان الذي يسميه الشيخ اليماني جهادا في سبيل الله إنما هو عدوان غاشم لا يرضى به الله تعالى لأنه مخالف لقول الله تعالى : (( لا إكراه في الدين)).
و ليس لقتال الناس كافة كي يدخلوا في الإسلام سوى معنى الإكراه .
فمن أين أتيت يا شيخنا العزيز بهذا المفهوم الغريب للجهاد؟.
و كيف تنسبه إلى رسول الله خاتم النبيين الرحمة المهداة؟.
ثم تأتي الكارثة العظمى حين يقول الشيخ أن الأنبياء مارسوا هذا الجهاد الهجومي , و أن من بينهم رسول الله محمد صلى الله عليه و آله و سلم .
و كأن رسول الله محمدا صلى الله عليه و آله و سلم لم يسمع بقول الله تعالى : {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} (190) سورة البقرة.
فالآية صريحة و بكلمات عربية لا تحتاج شرحا أصلا .
فالجهاد القتالي شرعه الله تعالى لرد العدوان .
و الجهاد في سبيل الله تعالى يكون لرد العدوان الناتج عن الإضطهاد الديني .و لا يقال للحروب التي تشنها الدول حتى و لو كانت إسلامية بسبب المصالح الدنيوية المادية جهادا في سبيل الله .
و إنما يكون ذلك قتال في سبيل الدنيا و المصالح الدنيوية .
و من المستحيل أن يقوم رسول الله بمخالفة القرآن الكريم بشن حروب هجومية عدوانية .
و لا شك أن رسول الله قضى فترة طويلة في مكة , صابرا محتسبا , لم يشن على أهل مكة رغم عدائهم و ظلمهم له و للمسلمين حربا قط.بل لم يأمر حتى بالحرب السرية .فمن أين أتى الشيخ اليماني بهذا المفهوم الخاطئ للجهاد في سبيل الله تعالى؟.
بل بلغ العدوان بالكفار من قريش إلى حد محاولة قتل رسول الله , مما دعاه إلى الهجرة .حيث أخرجه الكفار من أحب بقاع الدنيا إليه .فخرج مهاجرا إلى المدينة , و هاجر المسلمون أيضا إلى المدينة هروبا بدينهم من جبروت الكفار .
و حتى و المسلمون في المدينة لم يحصل أن اعتدوا على قريش و لا على غير قريش.و كل ما يشاع عن المسلمين أنهم خرجوا للإستيلاء على قافلة قريش التجارية غنما هو تشويه للدين الإسلامي و لسيرة الرحمة المهداة .
و لم يعلن رسول الله الجهاد في سبيل الله إلا بعد تلقى الأمر من الله تعالى .{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (39) سورة الحـج{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40) سورة الحـج.
و من خلال الآيتين تتضح معالم الجهاد في سبيل الله تعالى .
فالإذن بالجهاد جاء بسبب ظلم الكفار للمسلمين .(( بأنهم ظلموا)) الباء هنا تعني السببية اي لأنهم ظلموا .
ثم تأتي الىية التالية لتوضح اكثر سبب الإذن بالقتال الدفاعي , و هو أن هؤلاء المستضعفين اخرجوا ظلما من ديارهم , لسبب وحيد يتيم , لا ثاني له و هو أنهم قالوا ( ربنا الله )) .
فالجهاد في سبيل الله إنما هو لرد العدوان بسبب الإضطهاد الديني .
لذلك كان منهج القرآن الكريم واضح منذ بداية الدعوة الإسلامية .(( لكم دينكم و لي دين)) .
و ل أن قريشا التزمت بهذا المنهج العادل, لما اضطر رسول الله إلى الهجرة و الخروج من مكة أصلا .
و كم هي كبيرة و عظيمة تلك الفرية التي يقول أصحابها ان رسول الله كان يدعو إلى السلم و السلام و التسامح في بداية الدعوة لأنه كان ضعيفا , لكنه لما اصبحت له قوة و جيش حول خطابه إلى الإرهاب و القتل و الذبح .
فحاشا رسول الله أن يكون بمثل هذه الإنتهازية المقيتة.
شيخنا العزيز,
غن الجهاد في سبيل الله يكون لرد العدوان الديني .اي لرد العدوان الذي يشنه الكفار على الفئة المؤمنة المسلمة, لا لسبب إلا أنهم يقولون ربنا الله .
و لا حرج من القتال لرد العدوان مهما كان سببه .لكن لا يمكن تسميته جهادا في سبيل الله تعالى .
بل يبقى قتالا مشروعا , و من مات فيه فله أجر الشهيد .
فمن يقوم بقتال المعتدين الذين احتلوا أرض وطنه , هو مجاهد مقاتل لكن ليس السبب هو الإضطهاد الديني حتى نقول أنه جهاد في سبيل الله , و إنما هو قتال مشروع لرد العدوان الهادف إلى سلب الأمة ارضها و خيراتها .
و نفس الشيئ يقال عن القتال بسبب العرض أو المال .
كلمة الله هي العليا :
تحت هذا العنوان قرأت كلاما عجيبا غريبا للشيخ اليماني فهو كتب يقول : ((
ولم تنقطع هذه الخلافة فيما مضى ولا تنقطع إلى يوم القيامة، وكما انقسم الملائكة إلى مقر
بهذه الخلافة ومنكر جاحد كافر بكلمة الله)).
هل يعي الشيخ اليماني ما يقول؟.
أنت ترمي الملائكة بالكفر , و أنت تعرف أنهم لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون , كما تعرف أيضا أن الملائكة ليسوا مكلفين بحيث يمكن أن يؤمن بعضهم و يكفر البعض الآخر .فما الذي تقصده هداك الله ؟.
كيف يعرف خليفة الله في أرضه في كل زمان؟ :
زعم الشيخ اليماني أن خليفة الله في أرضه يعرف بطريق ثان و هو الوصية .بحيث يوصي الخليفة السابق للاحق .لكن الشيخ يصادم الواقع المرير الذي نسف خرافة الإمامة عند الشيعة نسفا مبرما , إذ فضلا على استحالة إثبات وجود الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري , فالشيعة لا يستطيعون إثبات حصول وصية من هذا الإمام لغيره .
بل على العكس , ما دام الإمام المهدي موجودا عنهدم فما فائدة الوصية اصلا ؟.
فالإمام موجود و ما عليه سوى تسلم مهامه .
أليس هذا هو المنطق و العقل؟.
و من عجائب أمور الشيخ اليماني , هدمه نظرياته بنفسه في كل كتاب له .ففي هذا الكتاب أيضا , يهون الشيخ اليماني من العدد و العدة , زاعما أن المؤمنين يؤمنون بالغيب , و أن الله تعالى يمدهم بالملائكة لينصرهم نصرا عزيزا .
لكننا لا نرى و لا نسمع بجهاد القائم الموجود , فهل يعني هذا أن القائم لا يعلم علوم الشيخ اليماني ؟.فبقي خائفا من بني أمية حتى اليوم ؟.
و الله إن تصورك يا شيخنا لمذهبك إنما هو دليل قاطع على بطلان مذهب التشيع كله بجميع فرقه .
و غن كنا قد رأينا أن انهيار عقيدة واحدة لدى فرقة ما يعني بالضرورة انهيار تلك الفرقة برمتها .و لا شك أن عقائد الشيعة و عقائد مدرسة السلفية قد أضحت في مهب الريح , لظهور بطلان كثير منها بطلانا تاما, لا يمكن إسعافها بعد الآن أبدا .
و يبقى القرآن حجة على الخلق, لا سيما على الذين يدعون الإيمان و العلم, فها نحن نقرأ للشيخ اليماني تصوره للجهاد, لكننا لا نرى له قائمة في أرض الواقع تثبت أنه يفعل ما يقول .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (2) سورة الصف.
فهل تنقصك العدة؟.
أم ينقصك العدد؟.
بل ما حاجتك للعدد و العدة أصلا و أنت وصي القائم الحاضر الغائب؟.
ثم إن القارئ لكتاب الشيخ اليماني , لا بد أن تتملكه الدهشة لعظم التناقضات التي يعج بها الكتاب .فهو بعد أن اتهم رسول الله خاتم النبيين بممارسة القتال العدواني الهجومي, ها هو الشيخ يتكلم كلاما في غاية الإتزان , فيقول: ((
والرسول محمد دعا كسرى وقيصر للحق ودين الله سبحانه ولم يحمل السيف بوجههم
أولا ، بل إن الروم هم من بادروا لحمل السيف بوجه الرسول محمد .
ويجب أن نلتفت الى أن الدين والعقيدة لا يمكن أن تنتشر بالسيف كما لا تقتل عقيدة
بالسيف؛ ولذا فإن منهج جميع الأديان الإلهية ومنها خاتمها الإسلام في الدعوة إلى الله هو الحوار
والتذكير، بل إن وجود الكتب السماوية التوراة والإنجيل والقرآن خير دليل على ذلك؛ لأنها كتب
تفيض حكمة وحوارًا ودعوة إلى الله ، وليست سيوفًا تقطر دمًا.
إرسال تعليق